ألقمهم وجعك, قرّاؤك البائسون مثلك فاغرةٌ
أفواههم للحزن, لن يكترث لك أحد حين تقول " أنا سعيد " سينفضّون عنك
ويغادرونك ككاتبٍ ممسوسٍ بالحياة.
حدّثهم عن وحدتك, بالرغم من الزحام حولهم
سيتنهدون, سيتفقّدون أيديهم الخالية من دفء كف الحبيب وقصاصات أوراقهم المليئة
بالكلمات التي لا يكترث لها أحد ويقولون: نحن أيها الشاعر أشدُّ منك وِحدة.
أخبرهم عن دمعك على وسادة الليل, وشهقتك التي
شطرت قلبك, التي دَوت في الصمت كمحاولة لقولِ شيءٍ ما مهما كان تافهاً وضئيلاً
وموجعا, فقط لإزاحة حملٍ جثم على الصدر.
احكِ لهم عن خيباتك, احكِ تفاصيلها, كلما كان
الحلم الخائب أكبر كلما ازدادت حماستهم لإكمال النص, الطعنة المسددة لظهرك
بالنسبةِ لهم أكثر تشويقا من تلك التي تتلقاها بصدرك, جميعهم مثلك غررت الحياة
بهم, خدعتهم.
قُل لهم أن قهوتك مرّة جدا, سوداء وثخينة, بأن
لا جديد في يومك تماما مثل " يوميات الحزن العادي " لمحمود درويش, وبأنك
بائس مثل فيروز حين تغني " حبيبتي زنبقةٌ صغيرة أما أنا كعوسجٌ حزين ",
فتؤمن بانك عوسج, بأنك نباتٌ صحراويٌ شائك, جاف وموحش, نبت في العرّاء استجابةً
لنداء المطر دون ان يدرك جدوى وجوده.
ابكِ, اشجب نفسك, تكشّف, اعترف بأنك قد سئمت المنولوج
الرتيب الذي تسير على وقعِه أيامك, بأنك قلق, خائف, مرتبك وضعيف, على قدر ألمك
واهتزازك سيبدو نصّك عظيما, ابكِ ليزداد تصفيقهم, لا أحد يكترث لسعادتك, حُزنك هو
الأهم.