إن حقيقة الانتخابات الطلابية في جامعة الكويت تكمن في تنافس يقوم بين مجموعة من طلبة الجامعة على قيادة الاتحاد الوطني والفوز بمقاعده , من خلال تقسيم أنفسهم إلى قوائم تتبنى كلٌ منها فكر معين , أو أهداف محددة , وتعمل هذه القوائم على نشر أفكارها وشرح مبادئها للطلبة الذين بدورهم يقومون باختيار القائمة التي اقتنعوا بما عندها .
وحين تفوز قائمة بمقاعد الاتحاد أو إحدى الجمعيات الطلابية في كلية معينة تصبح الجهة الرسمية الممثلة للطلبة والتي يجب عليها حفظ حقوقهم والمطالبة بها إن نقصت وتوصيل صوتهم ورغباتهم للإدارة الجامعية, كما يجب عليها خدمة الطلبة وتوفير الجو الدراسي المناسب لهم في الكلية وإرشادهم ومساعدتهم في أي مشكلة تواجههم .
باختصار هذا هو المفروض بالعملية الانتخابية في جامعة الكويت ,
فكر معروف وواضح , أهداف محددة , خدمات طلابية , انجازات ملموسة , حرية في نشر الأفكار بين الطلبة وتواصل القوائم معهم
وبالحقيقة , كل القوائم تسعى لخدمة الطالب ولتحقيق انجازات لأن في خدمة الطالب ضمان لاستمرار فوزها ,
إذا , على أي أساس يقوم الناخب في جامعة الكويت باختيار القائمة التي يعطيها صوته , مادامَ حقه مُدافعٌ عنه في حال فوز أي قائمة ؟
تنوعت الأسس , واختلفت الأسباب , لاختلاف عقليات الناخبين وأنواعهم في جامعتنا الموقرة ..
ومن خلال ملاحظتي البسيطة للساحة وجدت ما يلي :
النوع الأول ( الناخب الوراثي )
وهو الناخب الذي يأتي للجامعة وقد تشبّع حبًا وولاءً لقائمة معينة , فأبوه وأخوته وأخواته وأبناء عمومته وأخواله جميعهم عاملون في هذه القائمة , نشأ وترعرع في بيته على أحاديثهم حولها ونقاشاتهم في شؤونها , ولعل أول كلمةٍ نطق بها في حياته هي اسم القائمة , وهو يحفظ أناشيدها قبل حفظه للنشيد الوطني
هذا النوع من الناخبين , يصعب – بل يكاد يستحيل – أن يسمع لأطروحات القوائم الأخرى عوضا على أن يصوت لهم !
لهذا , تبتعد عنه القوائم ولا تتعب نفسها في إقناعه , بينما تنتظر قائمته لحظة قبوله في الجامعة لتضمن صوته وولاءه وجهده .
ملحوظة مهمة لمن أراد التعرف عليه : في صغره كان يأتي للكلية مع أخيه أو أخته ويضع شعار القائمة على صدره
النوع الثاني ( الناخب الصديق )
وهو عكس الناخب الوراثي , يدخل الجامعة دون أن يعرف أي شيء عن الانتخابات , وفي اليوم الموعود يصوّت للقائمة التي نجح عاملوها بجعله صديقـًا لهم , أو للقائمة التي يصوت لها أصدقائه , إن صوتوا هذه السنة للمستقلة فهو مستقلاوي حتى النخاع , وإن صوتوا للإئتلافية فهو إئتلافي إلى الرمق الأخير !
عادة ً ما يكون مستجدًا , فـ ( يتوهق) بالعاملين من كافة القوائم وتكثر اتصالاتهم به وفجأة يصبح محط اهتمام الجميع , وقد يزداد وزنه قليلاً لكثرة ما يدعونه لتناول الغداء أو العشاء قبل الانتخابات.
القائمة التي تنجح بكسبه من أول سنة , يكون لها حظـًا أوفر بالحصول على صوته في السنوات التالية .
ملحوظة مهمة : كثرة الاتصالات والدعوات قد تؤدي لنتيجة عكسية , خصوصا إذا كان من النوع الذي لا يحب كثرة العلاقات
النوع الثالث ( الناخب القبلي )
وهو الناخب الذي يكون انتماءه للقبيلة انتماء قوي , واعتزازه بأفرادها شديد , فصوته وصوت أبناء عمومته واحد , لا يصوت إلا للقائمة التي تختارها قبيلته , ولعل هذا الأمر هو أكبر مشكلة تواجهها القوائم في الجامعة , فهي تسعى جاهدة لجذب أصوات القبائل لما لها من ثقل وتأثير قوي في النتائج وقد تؤدي لمفاجآت لم تكن بالحسبان .
من وجهة نظري , الانتماء للقبيلة أو العائلة أمر فطري ومحمود , ولكن في حالة الانتخابات يعتبر سلبي جدًا , ويؤدي لنتائج قد لا يقتنع فيها صاحب الصوت الذي أعطى صوته لمن لا يستحق .
وللأمانة , الحديث كثير حول أبناء القبائل وقد قيل بحقهم كلام لا نرتضيه لهم , فالكثير منهم يصوت حسب قناعته واختياره الشخصي , فالأمر نسبي ويتراوح من شخص إلى آخر , ليس من العدل أن نُعمم
ملحوظة مهمة : شخص واحد قد يؤثر قي زيادة أصوات قائمة معينة مئة صوت , وإنقاص أصوات قائمة أخرى مئة صوت , خصوصا إن كان ذو حضور قوي وشخصية مميزة وتأثير على قبيلته , فالقوائم عادة ً تحرص على كسب مثل هؤلاء الأشخاص , ولا تستطيع أي قائمة أن تثبت أنها لا تستخدم القبلية كورقة انتخابية ناجحة ..
النوع الرابع ( الناخب الانتقامي )
وهو الناخب الذي يصوت لقائمة معينة أو ربما يعمل معها , ولكن لموقفٍ ما ينتفض عليها وينشق عنها ويبدأ بتشويه سمعتها , قد يكون السبب منصب وعدوه به ثم أخلفوا لعدم كفاءته , أو شجار دار بينه وبين أعضاء القائمة , أو أي أمر شخصي آخر .
وعادة ً ما تستغل القائمة المنافسة هذا الأمر , وتستخدم الشخص كورقة انتخابية وتملي عليه بعض التصرفات التي تصب في مصلحتها , وهو يضر نفسه إن استجاب لرغباتها .
فالطالب حين لا يعجبه فكر قائمته , يستطيع وبكل حرية وأريحية أن يتوقف عن العمل معها ويمتنع عن التصويت لها دون إحداث شوشرة وضجة .
ملحوظة مهمة : للناخب حرية مطلقة بتغيير قناعاته , وبالتصويت للقائمة التي يريد , ويحق له أن يصوت في كل عام لقائمة مختلفة , وأن يضع على سيارته كل أسبوع شعار لقائمة , حتى يجد القائمة التي تمثله حقيقة ً دون أن نقول عنه منافق أو أي لفظ آخر , ولكن بشرط أن يلتزم بأخلاقيات العمل النقابي , ولا يتعرض بسوء لمن كان يومًا جزءً منهم ..
النوع الخامس ( الناخب الفرصة )
وهو الناخب الذي يضيع في العملية الانتخابية , وغالبًا ما يكون مستجدًا , وهو يشبه الناخب الصديق إلا أنه ليس بصديق !
فلم يتسع له الوقت للتعرف على الطلبة أو اكتساب صداقات , وهو لا يهتم بالانتخابات بل لا يعرف موعدها , وربما يسمع بالصدفة عن وجود انتخابات في الجامعة ..
يدخل ناخبنا المسكين حاملا بيديه كتبه ومتجها نحو محاضرته بكل براءة , إلى أن يقتنصه عاملاً شديد الملاحظة- ويساحله- ويطلب منه أن يأتي معه ويصوت لقائمته ,
- فيقول له الناخب بكل عفوية : لا المحاضرة بدت والدكتور راح يحسبني غياب
- ثم يجيب العامل مع ضحكة شريرة : لا يا معود اليوم انتخابات وماكو دوام , تعال معاي والي يخيلك كلها خمس دقايق حط صح واطلع
- فيفرح الناخب بهذا الخبر , ويقول للعامل : على هالخبر الحلو تستاهل الصوت وفوقه كرتون كتكات
ملحوظة مهمة : هذا النوع يكثر بين الطالبات , ولهن تأثير لا يستهان به أما عاملات القوائم الأخرى أرجو أن لا يكن قد قرأن هذه الفقرة
النوع السادس ( الناخب الفكري )
وهو الناخب المثقف الواعي , الذي يختار القائمة التي تناسب فكره وتوجه وأيدلوجيته , فهو من قبل دخوله للجامعة يقرأ عن القوائم وعن التنافس بينها , ويتعرف على مبادئ وأفكار كلٍ منها , إن كان توجهه اسلامي معتدل يصوت للائتلافية , وإن كان فكره ليبرالي يصوت للوسط , وإن كان متمسك بمذهبه يصوت للإسلامية , وإن كان يستقي فكره من البيت الكويتي الأصيل يصوت للمستقلة , وإن كان يحب الألوان الجميلة يصوت للوردية ..الخ
وغالبًا , لا يهتم هذا الناخب لانجازات قائمته أو أعمالها , فكل ما يهمه أن يدعم الفكر الذي ينتمي إليه , حتى لو كان متيقن من خسارة قائمته , أو عدم جدواها إن فازت وعدم استحقاقها للفوز , فهو يصوت لها لإثبات وجودها , ولإبراز الفكر الذي يعتنقه .
ملحوظة مهمة : ناخب يستحق الاحترام الفكري والنقاش معه ممتع , وهو نادر نوعا ما
النوع السابع ( الناخب الحقاني )
وهو الناخب الذي يدور على القوائم ويسمع منها , ثم يتفحص الساحة , ويبحث عن انجازات كل قائمة وقدراتها وما يمكن أن تقدمه له ولزملائه ولجامعة أفضل , ثم يختار ويصوت .
هذا الناخب نادر ما يكون من المستجدين , وإن كان مستجدًا فهو مطلع على الساحة الانتخابية قبل دخوله للجامعة , ويصعب خداع هذا الناخب , لأنه يتقمص شخصية المحقق كونان قبل الانتخابات بفترة كافية .
ملحوظة مهمة : قد يكون نادرًا , ولكن وجوده في الجامعة آمر جميل , يستحق أن نصفق له
هناك ٧ تعليقات:
حلو الموضوع
صحيح هو يخص الشأن الداخلي بالكويت
بس حلو الواحد ياخذ فكره عن هالسوالف
سعيده بالمرور من هني:)
فعلا (الناخب الفكري) نادر جدا جدا،، ولكن قد يوجد نوع آخر وهو (الناخب المتعصب) تراه يحمل فكرة "ولكنه متعصب لها ولا يقبل مجرد النقاش والحوار حولها..
أهم شي (الناخب الفرصة) :)
أنا الحين عمري 31 سنة
وشاركت بالانتخابات وانا عمري 19 سنة
اقدر اقولج بكل وضوح انها ممارسة خاطئة في بيئة تعليمية
اذا كان المجتمع دثر وانحدر بالديمقراطية شلون بالبيئة التعليمية
لو انا عند الامر بايدي الغي انتخابات الجامعة بدل صراعات القوائم
والتأخير من بعض الطلبة علشان انتخابات سخيفة
موضوع حلو ... ذكرتيني بأيام الدراسه
اتصدقين عمري ما صوّت بالانتخابات
لاني اعتبر تعريف الديمقراطيه هي تهميش الأقليه
تقسيم رائع
بس ممكن ان تجتمع عدة انواع بشخص احد..
من الممكن ان يصوت حق القائمة
بالوراثه..
وبالفكر..
وان يكون حقاني..
حلو ان يكون للطالب خلفيه عن الانتخابات قبل لا يدش الجامعه لان وايد طبه بدشون ولا يعرفون شي..
أتذكر وحده تسألني بيوم التصويت تقولي منو أحسن التربوية ولا الإئتلافية؟!؟!
يعطيج العافية
رائع أنه لايزال عندكم انتخابات جامعية ..
لا أراكم الله مانحن فيه هنا في مصر ..
تحليلك رائع جدا ؛ ومنطقي ؛ وينسحب حتى على الانتخابات البرلمانية ..
زيارة أولى لمدونتك ؛ لكنها باذن الله لن تكون الأخيرة ..
سعدت بها للغاية ...
شكرًا للجميع ..
اقصوصة , سؤال , مشاري , كويتي وحيد , هامورة , أمل
شكرًا لكم على وجودكم هنا , وعلى ما طرحتم من رأي ٍ ومشاركة ..
إرسال تعليق