السلام عليكم وبركات الله ورحماته
اشتقت للمدوّنة , ولكل القرّاء بعد طول غياب
لذلك , أعتذر مِن كل مَن زار المدوّنة آملاً بالجديد , ولم يجده
: ) وأتمنى أن يحوز هذا النص إعجابكم ..
.
.
قبيّل غروب شمس الأمس , كنت جالسة في مجلسٍ نسائي , أتبادل مع قريباتي أحاديثاً وأسمارا , وإذ بطفلةٍ تدخل علينا وقد امتلأت عيناها دهشةً وسابقتها نحونا نظراتها المتوهجّة بالفرحةِ والظـَفر , جرت صوّب أمها وقالت لها بملءِ فمها :
- ماما , ماما , لقيت قرية نمل ورا , قرية نمل كبييييييييرة
فأجابتها أمها المنشغلة عنها دون أن تلفت لها :
- أوكي , أوكي ماما , لا تدوسين عليهم هذا بيتهم لا تخربينة .
ثم أكملت حديثها مع جارتها التي تشاركها الأريكة , خرجت الطفلة , تقافزت نحو الباب , خبأت في جيوب سترتها كومة أسئلة , وحفنة فرح , وعادت لتفحّص اكتشافها العظيم , خارج بيت المزرعة ..
خرجت الطفلة , ولكنني لم أخرج من الزوبعة التي أحدثتها في ذهني !
ربما سمعتها أمها بأذن الأم المنهكة من رعاية أطفالها , والتي تجد في مثل هذه الجلسات متنفساً ومخرجاً من هموم التربيةِ ومجالسة الأطفال .
أما أنا , فسمعتها بأذن الأديبة التي تتصيّد أي موقفٍ تهبه إياها الحياة , لتصوغ منه نصاً , قصة ً , أو تأملا ..
لذلك , تماثلت أمامي صورةً مستقبليةً لي , وعشتُ في أحداثِ القصة التي شَكَلّتـُها في ذهني
فلكم الأقصوصة التي خرجت بها من هذا الموقف :
{ ذات شمسٍ تلملم أطراف أوشحتها الذهبية عن صدر السماء , جاءتني ابنتي تحمل في عيّنيّها فرحاً كبيرا , تجري وكأن ديمةٍ سماوية تحمل قدميّها الصغيرتيّن عن الأرض , وكأنها تطير خشية أن يهرب منها الخبر ..
انتصبت أمامي وفتحت ذراعيّها تشرح لي ما وجدته :
- ماما , ماما , لقيت قرية نمل , قرية نمل كبييييييييرة
فتركت الكتاب الذي كنت أقرأه , اعتدلت في جلستي , وتظاهرت بالدهشة , ثم أجبتها :
- صــــج ؟ وين لقيتيها ؟
اتسعت عيناها أكثر , أحكَمَت قبضتها , حركت يديّها وقالت :
- والله والله لقيت قرية نمل , وفيها نمل واااايد , ورا بالحوش , تعالي ماما تعالي شوفيها
انتعلت حذائي , ولحقتها , كانت تسرع الخطى , ساقاها الصغيرتان تضربان الأرض بشدة , وتخلّفانِ ورائهما أملاً بالوصولِ أسرع ..
وصلنا , فأشارت لي نحو القرية , أنزلتُ نفسي حتى صرتُ بطولها , أجلستها على رجلي , وبدأنا بتأمل قرية النمل , شرحت لها بعض المعلومات الصغيرة عن مملكة النمل , وملكة النمل , حاولنا على مضض أن نعد كل نملةٍ تخرج أو تدخل , ولكن خبرة ابنتي في الأعداد لم تسعفها !
لم تكتفي تلك الفيلسوفة الصغيرة بمعلومات أمها القليلة , وبدأت تراكم في حجري المزيد والمزيد من الأسئلة التي لا أملك لها جوابا .
لذلك وعدتها أن أصحبها بعد صلاة المغرب إلى مكتبة جرير , لنبتاع كتاباً علمياً مُبسّطاً يشرح لها عالم النمل , ووعدتها أيضاً إن صلت بجانبي أن أقرا لها الكتاب .
قبيّل النوم , اندست في فراشها الزهري الصغير , واندسست بجانبها , وَضَعتُ الكتاب على رجلها وبدأت أقرأ لها , سعيدةٌ كانت بالصور , بالمعلومات , وبالكتاب ..
أنهينا قدراً لا بأس به , ووعدتها أن أكمل لها في الغد , قبلّتُ وجنتيّها الممتلئتين , أحكمتُ غطائها , وركنتُ الكتاب على الرف الأول من مكتبتها الصغيرة }
هناك ١٥ تعليقًا:
فعلا سمعتيها بإذن أديبة .. فأسلوب كتابتج أدبي رفيع يدل على وجود ثروة لغوية ممتازة..
تحياتي
رائع رائع
قصة تربوية من الطراز الاول
لا اعلم بما استمتع اكثر بالقصة
الجميلة واحداثها ام بمعانيها التربوية العميقة ..
القضية التي حاولتي مناقشتها وذكرتي لنا ردة الفعل السلبية التي لحظناها في القصة الحقيقة وردة الفعل الاخرى الحميمية والايجابية التفاعلية التي نتمنى ان تصبح حقيقة ..
قضية مهمة جداً جداً وقد لا يعيها الاباء والمربين
اسال الله ان يرزقك الذرية الصالحة
بالتاكيد ستكونين ام بكل ما تعنيه الكلمة ..
نحن معشر النمل لا نملك سوى
تقديم الاعجاب والشكر على هذه
التحفة التربوية
مطول الغيبات جاب الغنايم
شكراً لك :)
المحامي :
نشكر لكم هذا الإطراء
.
.
نمول :
هذه هي الرسالة التي نود إيصالها : )
ونسأل الله لكم , مثل ما سألتموه لنا وأفضل
تحية مني لعالم النمل , ذاك العالم الذي طالما استثارنا مذ كنا صغارا
يا أمي الرسالة متروسة براااءة ;q
بس المعنى قوي =)
شكراً إيلاف .. ^_^
رائع جداً وليتها كانت الحقيقةً فعلاً :)
رائعة قصتك ايلاف
وما أجمل حكايا الصغار وهم
يسعون لتلقي العلم في شتى الأمور
التي نمتنع عن منحهم إياها إثر
ضجر يصبينا
بارك الله فييك ووفقك
الله الله يا إيلاف :)
درس تربوي رااااائع من أم مُثقفة واعية :)
أنا واثقة أن جيلٌ فيه أمهات كما أنتِ سينشأ عظيماً ويحيا عظيماً بإذن الله :")
بوركتِ على إمتاعنا بهذا النّص الشيّق ;*
لكِ من الود الرضـْى , كوني بكُل الخير عزيزتي =)
ما شاء الله قصة تربوية من الطراز الاول
بارك الله فيك
اخوك
بويوسف
ما شاء الله قصة تربوية من الطراز الاول
بارك الله فيك
اخوك
بويوسف
:) عشت القصة فابتسمت
عفواً فتوشه ^_^
.
.
آيكونز
وأنتِ أروع :)
.
.
بوح الصمت
ههه لستُ أماً بعد , ولا مشروع أم حاليا ;p
وشكراً لكِ على كلامكِ الجميل
إن دل على شيء , إنما يدل على جمال روحكِ
.
.
أبو يوسف
نشكر لك مرورك الدائم واطرائك
.
.
زمان : )
وقرأت كلماتك فابتسمت أنا كذلك ..
أعجبني مااستوحيتِه من حديث الطفلة ..
ووفقتِ في صياغته .. أهنئك على حسك الأدبي العالي :)
تدهشنا اكتشافات الصغار .. وإن كنا في أغلب الأحيان لا نلقي لها بالاً .. إلا أنها حقا مدهشة .. بعفويتها ومنطقها في نفس الوقت
شكرًا :)
أهلا بزيارتكِ بوك مارك : )
وأشكر لكِ اطراءك
الأخت الفاضلة والكريمة :: إيلاف ::
صباحك خير وحب وطاعة
ثم
جميلٌ ورائع ومبهر ومبدع
ما كتبته أناملك
التجاهل الذي يحصل للصغار هو أكبر مصائبنا .. التعامل مع الطفل بعقلية الكبير تزعجني كثيرًا .. فتلك الأم .. تعاملت مع الأمر على أنه عادي وذلك وفقًا لعقلية الكبار - قرية نمل ؟؟ وماذا في الأمر ؟؟
إلا أن أسلوبك في سبك القصة نقلتِ لنا السلوك الصحيح وما ينبغي علينا فعله تجاه أطفالنا ..
لكِ أريج من التحايا
قصة راائعة وأسلوبك في سردها أروع
بارك الله فيك
إرسال تعليق