الأربعاء، ٢٧ يناير ٢٠١٦

إنهم يضربون الجذور في هذه الأرض!


إنهم يضربون الجذور في هذه الأرض!

 

بعد سنتين من التحاقي بالوظيفة اضطررت لزيارة قسم " الرمز " الواقع بنفس المبنى والطابق, اضطررت للسير في الممر الطويل خارج الادارة القانونية, كان الامر أشبه بالسير في قصرٍ متواضع ولكنه بعشرات الغُرف, بعد عدة خطوات كان الممر يتحول تدريجيا إلى ممرٍ طويل في سجنٍ موحش, صدرت موسيقى مخيفة وحزينة كتلك في أفلام الرُعب وتطايرت الخفافيش من فوقي, شعرت بالهلع, نظرت للحجرات على يمين ويسار الممر, كُل حجرة\ مكتب\زنزانة, كانت مزيّنة ومرتبة على ذوق صاحبها.

كانوا يفرشون السجاد لإخفاء ارضيات الباركيه الرخيص باللون البرتقالي والذوق السيء, كانوا يعلقون اللوحات لعلها تكون نافذة بدلا من اختناق الغرفة بالجدران, كانت الفراشات الزهرية والعصافير على شكل لواصق بلاستيكية ترفرف بجانب اجهزة الكمبيوتر بينما تثرثر الموظفات وهن بكامل الزينة والأناقة والوهج, صور أطفالهن امامهن على المكاتب كتقليدٍ متوارث يمارس في كل الوزارات والوظائف, كان الجميع يعلّق بطاقة العمل على ثيابه بشكلٍ بارز امتثالا لتعليمات الوزارة, في المكاتب الأكبر والأكثر أناقة يتحدّث الموظفون " الأهم " عن مواضيع " أهم " كما يصوّر لهم, كان جميع هنا ينتمون للمكان, يريدون أن ينتمون, كانت لهم جذور, كانوا يضربون جذورهم في هذه الأرض المخيفة.

اضطربت, انهيت المهمة وعدت للممر, للممر الطويل خارج الإدارة القانونية, بعيدا عن زنزانتي الاختيارية, ومن الترف الذي أحسد عليه أن يحصل الانسان على زنزانة "انفرادية اختيارية" , تسلب الحرية ولكنها تعطي الكثر من العزلة والكثير من المال, حين جئتها بقدميّ لم أحمل معي الكثير من الأشياء لم أرد أن تشبهني أو أشبهها بشيء, كل ما جئت به صورة لماري منيب بطلة الكوميديا المصرية بالأبيض والأسود وهي تنظر لي وتبتسم بسخريتها المعهودة, نصبتها على يمين المكتب, وصورة اخرى لفيروز الصغيرة وأنور وجدي في فيلم دهب جعلت منها قاعدة لفأرة الكمبيوتر.

اشفق عليّ أحد المراسلين وزوّدني بعدة مكتب زهرية, بلاستيكية, شفافة لحمل الأقلام والدبابيس بعدما كانت متناثرة على سطحه, اظنها من مخلفات احدى الموظفات اللاتي كانت لهن جذورا هنا ذات يوم!

دخلت, اغلقت الباب ورائي كما أفعل دوما, المكتبة الفارغة الا من عدة وريّقات رسمية كنت قد وضعتها امام النافذة الزجاجية الطويلة المطلّة على الممر لزيادة العزلة والخصوصية والانفصال عن الواقع, دخلت وأغلقت الباب, خلعت حذائي, لامست قدمي ارضية الباركيه باللون البرتقالي والذوق الرديء, لم أكن شجرة , لم تكن لي جذور, لم انغرس, كنت غصنًا قد كُسر, خُلع من شجرته وألقيّ في هذه الزنزانة.

الأحد، ١٨ يناير ٢٠١٥

ألقمهم وجعك


 


 

ألقمهم وجعك, قرّاؤك البائسون مثلك فاغرةٌ أفواههم للحزن, لن يكترث لك أحد حين تقول " أنا سعيد " سينفضّون عنك ويغادرونك ككاتبٍ ممسوسٍ بالحياة.

حدّثهم عن وحدتك, بالرغم من الزحام حولهم سيتنهدون, سيتفقّدون أيديهم الخالية من دفء كف الحبيب وقصاصات أوراقهم المليئة بالكلمات التي لا يكترث لها أحد ويقولون: نحن أيها الشاعر أشدُّ منك وِحدة.

أخبرهم عن دمعك على وسادة الليل, وشهقتك التي شطرت قلبك, التي دَوت في الصمت كمحاولة لقولِ شيءٍ ما مهما كان تافهاً وضئيلاً وموجعا, فقط لإزاحة حملٍ جثم على الصدر.

احكِ لهم عن خيباتك, احكِ تفاصيلها, كلما كان الحلم الخائب أكبر كلما ازدادت حماستهم لإكمال النص, الطعنة المسددة لظهرك بالنسبةِ لهم أكثر تشويقا من تلك التي تتلقاها بصدرك, جميعهم مثلك غررت الحياة بهم, خدعتهم.

قُل لهم أن قهوتك مرّة جدا, سوداء وثخينة, بأن لا جديد في يومك تماما مثل " يوميات الحزن العادي " لمحمود درويش, وبأنك بائس مثل فيروز حين تغني " حبيبتي زنبقةٌ صغيرة أما أنا كعوسجٌ حزين ", فتؤمن بانك عوسج, بأنك نباتٌ صحراويٌ شائك, جاف وموحش, نبت في العرّاء استجابةً لنداء المطر دون ان يدرك جدوى وجوده.

ابكِ, اشجب نفسك, تكشّف, اعترف بأنك قد سئمت المنولوج الرتيب الذي تسير على وقعِه أيامك, بأنك قلق, خائف, مرتبك وضعيف, على قدر ألمك واهتزازك سيبدو نصّك عظيما, ابكِ ليزداد تصفيقهم, لا أحد يكترث لسعادتك, حُزنك هو الأهم.

الثلاثاء، ١٩ مارس ٢٠١٣

ما أخفيته وما ستبديه الحياة

 
ستكبران يا صغيرتاي وستكتشفان أن الحياة ليست كما تبدو عليه في منزلنا, ستكتشفان أن العالم ليس نافذةٌ ستائرها من الدانتيل, وليس غرفةً جميلة لشرب الشاي والقراءة.
ستكتشفان أن النساء لسن أنيقات كما هن دوما في أفلام الأبيض والأسود, وأنهن لا يغنين كلما نزلن للشارع أو ذهبن لحفلة وأن الموسيقى لا تنبعث فجأة من حولهن.
ستكتشفان أن الرجال ليسوا دوما لبقين كأنور وجدي, أو وسيمين كرشدي أباظة أو يمتلكون حسا عاليا للدعابة كاسماعيل يس.
ستكتشفان أن الفتيات لا يمتلكن مثلكن صورا للطفولة الأولى بالقبعات الانجليزية, أو بالأزياء التي سيقلن لكن أنها غبية ومضحكة, وأن أمكن كانت تلبسكن على الطراز القديم.
ستكتشفان أن الحياة موجودة بمكان آخر غير الكتب, وأن جين إير, والنساء الصغيرات, وماجدولين, وزهرة الثلج, ومريمة وكل اللاتي قرأت لكن حكاياتهن قد متن منذ عقود, وربما بعضهن لم يعشن أصلا.
ستكتشفان أن الكتابة قد تخفف من ثقل المشكلة على الروح, ولكنها لن تحلها, ستقول ما لا تستطيعان قوله ولكنها لن توصله, ستكتبن كثيرا ولكن ستكتشفان ألا جدوى من الكتابة.
ستكتشفان أن الأواني الأنيقة لن تجعل الآخرين يحبون الأكل بالضرورة, والأكواب المزينة بالأزهار لن تغير من نكهة القهوة .
ستكتشفان أن الأطفال لا ينامون دوما بأسرة بيضاء تنساب الغلالات الشفيفة من فوقها, أن الأطفال لا يملكون دوما الكثير من الألعاب والثياب والأقارب المولعون بهم.
ستكتشفان أن الحب لا يبدأ دوما من النظرة الأولى, وأنه لا ينتهي عادةً بالزواج, وأن الزواج ليس فستانٌ وطرحة, وأن الأمومة ليست طفلٌ ينام بهدوء بين ذراعي أمه.
ستكتشفان أن المنازل لم تعد باذخة, وأن التفاصيل لم تعد مكتملة, وأن الناس لا يبدون كقطع فنية متحركة كما هم في اللوحات القديمة.
ستكتشفان أن ما من بلادٍ تسمى الأندلس, وأن الحب في باريس لا يوزع على الطرقات, وأن قصر السلطان لم يعد يضج بضحكات الجواري.
ستكتشفان أن المصلين لا تنهاهم دوما صلاتهم عن الفحشاء وأنهم يأتون المنكر, وأن الأغنياء لا يعترفون دوما بحق السائل والمحروم في أموالهم, وأن هناك من يقول لأمه وأبيه أفاً لكما.
ستكتشفان أن المعلم لا يكاد أن يكون رسولا, وأن بعض الأمهات لسن بمدرسة, وأن المدينة الفاضلة لا توجد إلا في خيالات الكتب.
ستكتشفان أن الخير فطرة, ولكن الفطرة ليست كل شيء, فكل مولودٍ يولد عليها, ولكن أبواه, واخوته والناس من حوله يغبشون ما أودع به الله من بياض.
ستكتشفان أن القطع التي قمنا بخياطتها قد تكون جميلة ولكنها غير متقنه, وأن السوق مليء بكل شيء, مليء بما يمكن شراءه بدقائق بدلا من خياطته لساعات.
ستكتشفان أن الناس لا يأبهون بكما, وبأنكما لستما محورا لحياتهم, وبأن وجودكم عرضي في حيوات الآخرين, وليس جوهريا كما هو في حياتي.
ستكتشفان أن الجمال لا يهزم القبح, أن الجانب البشع من وجه الحياة يطغى على الجميل, ستكتشفان بأننا نستقوي على القبح بالجمال ولكن لا نلغيه.
ستكتشفان أن لكل شيء وجهان, لكل فرح حزنٌ يقابله, لكل حلم ألمٌ يسبق تحققه, لكل وصول انتظارٌ طويل, ولكل صديق عيوبٌ كثيرة.
ستكتشفان أن الدنيا ليست حلوة سكر كما تقول شادية, أو غنوة نغمتها حلوة كما تقول ليلى مراد, وأن سعاد حسني التي كانت تبدو سعيدة ومشاكسة في كل أفلامها قد ماتت منتحرة.
ستكتشفان أن الأزهار تموت سريعا, وأن الأصيص ليس بستانا, وأن الشارع قبالتنا ليس حقلا, وأن الريف بعيد, بعيدٌ جدا عن منزلنا.
ستكتشفان أن الحب ليس دوما هو المكون السري لنجاح أي وصفة, لاستمرار أي علاقة, للفوز بأي قلب, وللتقرب من حياة زلفا.
ستكتشفان أن البكاء ليس الطريقة الوحيدة لتحصلان على ما تريدان, الحياة ليست أنا, ستبكيان كثيرا, ولكنها لن تلتفت, لن تصغي, ولن تجود.
ستكتشفان أنني قد خبأت عنكما الكثير, ستكتشفان أنني أريتكما الحياة كما تبدو بالنسبة لي, أو كما أتخيلها, أو كما أتوهم أنها عليه.
ستكبران يا صغيرتاي, وحين تكتشفان الكثير ربما ستلوماني  كثيرا, ستتهماني بخداعكما, ستتهماني بالهشاشة والضعف والخواء,  وربما ستصليان من أجلي, ستشكران الحب الذي غلفته حول قلبيكما كشريطة من الحرير, تضفي عليهما القوة والجمال..

الأربعاء، ٢٩ أغسطس ٢٠١٢

{ وصايا القهوة }


 


ستكبرين يا صغيرتي , وستصنعين قهوتكِ ذات يوم , فأصغِ جيدا لما تقوله الركوة , كوني قريبةً من الموقد , من النار التي تلظّى تحتها وتدفعها من الفوهةِ كالحميم, القهوة لن تمهلك , ستباغتكِ وإذ هيَ منسابةٌ ثائرة , غاضبةٌ إذ لم تكوني عليها حارسةً أمينة .

القهوةُ يا صغيرتي تحرّضُ على الحزنِ إن شربتها مُرّة , إن شربتها وحيدة , وإن شربتها سوداءَ جدا , ستجلب لكِ لعنةَ الذكريات القديمة , سيطفو على وجهها ماضٍ بات كالرميم , وستبدو قطعة الحلوى الصغيرة بجانبها كمحاولةٍ يائسةٍ لتبرير مرارة الحياة .

تخيّري يا صغيرتي أكوابك , فما كلُ كوبٍ يصلح لكل قهوة , تزيّني للقهوة , حتى وإن شربتها بمفردك , لا تشربيها دون اكتراث , تحضري لها قبل أن تحضريها .

القهوةُ يا صغيرتي إن جمعتكِ بالأصدقاء فستبتسمين كلما أعددتِ قهوتك بذات الطريقة , ستتذوقين طعم أحاديثهم الذائبةِ في بُنّها , وستحتفظ أكوابكِ ببصماتِ أرواحهم عليها ..

القهوةُ يا صغيرتي إن شربتها في الصباح فلا تشربيها والستائر مُسدلة , لا تشربيها دون أن تتلي على قلبكِ بيت شعر أو تقرئي شيئا من الأدب , قهوةُ الصباحِ يا صغيرتي تنذرُ بيومٍ شاعريّ , اشربيها دوما مبتسمةً للعالم , ولا تنسي أن تلوحي لعصفورٍ عابرٍ للسبيل أمام نافذتك ..

أما قهوةُ المساء يا صغيرتي , قهوةُ منتصفِ اليوم , فستليقُ بصديق , تليقُ بكتابٍ أو فلمٍ قديم , تليقُ بالخلوةِ والتأمل , تليقُ بأغنيةٍ لماجدة أو قصيدةٍ لدرويش , قهوةُ منتصفُ اليوم مزاجيةٌ جداً , ستشتهينها كل مرّة بنكهةٍ مختلفة , بكميةٍ مختلفة وبأفكارٍ مختلفة ..

وحُذار حذار من قهوة ما بعد الليل , قهوةِ ابتداء الفجر , قهوة الثانية عشر ليلا وما بعدها أو ما قبلها بقليل , هي قهوةٌ للهرب , للنومِ الذي تستجديه النفس فلا يجيء , قهوةُ المحزونين , تُعدُ بالوحدة , بالغربة , بالقلق وبشيءٍ من الخوف , ستشربُ مرّةٌ جدا , داكنةٌ جدا , لن تتناولي معها شيئا حلّواً بل ستكتبين , ستمتلئ الطاولة بقصاصات الورق , بالعبارات المشطوبةِ وبالخيبة .

تلك القهوةُ يا صغيرتي لا تصلحُ للصغار , تلك القهوةُ تفسدُ الطفولة ..

السبت، ١٠ مارس ٢٠١٢

من أجمل ما قرأت

لو سُئلت : ماهو أجمل كتاب قرأتِه في حياتك ؟ لما عرفت الاجابة ، فكل كتاب قرأته هو جميل بشكل ما ، وهذه قائمة بأجمل ما قرأت علكم تفيدون منها :

الكتب الفكرية + الدراسات الإسلامية + الفلسفة

* مؤلفات الدكتور أحمد خيري العمري لدى دار الفكر – دمشق-
أقترح عليّكم كتابيّ ( البوصلة القرآنية + الفردوس المستعار والفردوس المستعاد )
من أهم الكتب التي قرأتها في حياتي , أسلوب مبسّط , أفكار عميقة , وفهم جديد للإسلام
تأملات تستحق أن نقف عندها في ثوابت الإسلام , وأركانه
كل ما استطيع أن أقوله لكم عن هذيّن الكتابيّن :
استطعت أن أفهم نفسي , ديني , وأمتي بشكل أعمق بعد قراءتهما
أنصح الجميع بهما


* رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر , أروع ما كتب عبد الوهاب المسيري
لمن يريد أن يسبر أغوار هذه العقلية المفكّرة النادرة , عليه أن يقرأه
الكتاب من إصدار دار الشروق , مصر


* قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن , لنديم الجسر
الكتاب يثبت بالدلائل العقلية مستعيناً بالمناهج الفلسفية المختلفة أن الإيمان بالله تعالى خالقاً وإلهً لا شريك له هو الفطرة البشرية والحقيقة عقلية لا يمكن إنكارها
ويثبت استحالة تعارض الدين الإسلامي الصحيح , مع الفلسفة والمنطق والفكر
الكتاب رائع , ولكن لا أنصح الجميع به , فهو متعب ذهنياً ويحتاج لشخص متمرّس بالقراءة

* تاريخنا المفترى عليه , للدكتور يوسف القرضاوي , دار الشروق , مصر
كتاب يرد على الشبهات المثارة حول التاريخ الإسلامي
أنصح المهتمين بهذه الأمور أن يطلعوا عليه



* فقه النصر والتمكين , الدكتور علي الصلابي , المكتبة العصريّة
كتاب مفيد جداً لفهم أسس النهضة والنصر , وكيفية سقوط الأمم ونهوضها


* نقد العقل المسلم , عبد الحليم أبو شقه , دار اقرأ
الكتاب من الحجم الصغير , ولكن مادته مفيدة وشيّقة , أنصحكم بقراءته لفهم عقلية المجتمع المسلم وما هي العوامل التي أدت لبلوغها الحال التي هي عليه


* التفكير فريضة اسلامية , عباس محمود العقاد , دار نهضة مصر ,
دون أن أطيل الشرح , يا حبذا لو قرأتم هذا الكتاب , سيفتح لأذهانكم آفاقاً فسيحة


* الاستقلال الحضاري , للدكتور محمد عمارة , من دار نهضة مصر كذلك
يتحدث الكتاب حول استقلال الأمة العربية والإسلامية بنفسها وحضارتها عن الحضارات الغربية التي تؤثر عليها وباتت تطمس معالمها
أنا شخصياً استفدت واستمتعت كثيراً بصحبة هذا الكتاب



الكتب الأدبية + المقالات التي تتناول موضوع النفس والتأملات واللغة

* بالصدارة : مؤلفات الرافعيّ ( أوراق الورد , السحاب الأحمر , حديث القمر )
ثلاث كُتب تتناول فلسفات عميقة في الجمال والحب والخير وأحاديث الروح
لغة متخمة بالمفردات اللغوية جميلة , والحس الشاعري المرهف
تجدونهم لدى الكثير من المكتبات , وهم من إصدار المكتبة العصرية



* بيروت المدينة المستمر , تأملات أدبية في بيروت يكتبها زهي وهبي
لغة الكتاب سلسة وفلسفية , نظرة عميقة لبيروت , ستحبها أكثر بعد أن تقرأ هذا الكتاب : )
تجدونه لدى الدار العربية للعلوم ,
* قهوة سادة ، تأملات في المقهى ودوره في الاثراء الأدبي ، وهو ايضا لزاهي وهبي

* فن الأدب لتوفيق الحكيم , كتاب من الحجم الصغير يجمع فيه عملاق الأدب العربي نظرته وفهمه لصنوف الأدب من مسرح وقصة ورواية وشعر .. الخ
ستفهم الأدب بشكل أعمق بعد أن تقرأه : )
الكتاب من إصدار مكتبة مصر ,
* الكاتب والمنفى لعبدالرحمن منيف ، مجموعة من اللقاءات معه عن الادب والكتابة ، رائع جدا ، من اصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر
* الحب أعزك الله ، للدكتور حاتم النفري ، اصدار جديد على غرار طوق الحمامة ، يصف مراتب الحب وأحوال المحبين ، من اصدار الدار العربية للعلوم
* لغتنا والحياة للأديبة الإسلامية عائشة عبد الرحمن – بنت الشاطئ -
كتاب تتحدث فيه عن اللغة العربية وما تتعرض له من ضمور واضمحلال في العصر الحالي
الكتاب من أحب الكتب إلى قلبي
من إصدار دار المعارف
* كتاب سين للأديبة سعدية المفرح ، تجيب فيه عن اسئلة عميقة حول الادب والشعر والكتابة
* في حضرة الغياب لمحمود درويش ، مجموعة نصوص ادبية ، من اصدار دار رياض الريس
* الأعمال العربية الكاملة لجبران خليل جبران , دار رسلان ,
المجلد لا يحوي كل أعماله , ولكن فيه قدرٌ لا بأس به من مقالات وكُتب جبران , وهي مليئة بالحكمة الإنسانية التي تجلو عن الروح الكثير من أدرانها
بالرغم من أننا لا نتفق تماماً مع كل ما يكتب إلا أن في كتاباته ما يستحق وبشدة أن يُقرأ

* الجسد حقيبة سفر + شهوة الاجنحة + القلب نورس وحيد . ثلاث كتب اجمل ما قرأت في ادب الرحلات ، للاديبة غادة السمان

*
الكتابة عمل انقلابي , مجموعة مقالات عن الكتابة وغيرها من المواضيع لنزار قباني , كتاب صغير وجميل أنصح به
تجدونه لدى الفرابي , صالة رقم 6

* قيس وليلى والذئب ، نصوص أدبية قصيرة للأديبة الكويتية بثينة العيسى ، تتناول الجوانب الاخرى للحب ولحكايا الطفولة
الكُتب التاريخية

* لمحبي التاريخ , أنصح بمؤلفات الدكتور علي الصلاّبي , والمكان هنا لا يتسع لذكرها فهي تفوق الثلاثين كتاب , تتناول أغلب حُقب التاريخ الإسلامي , ودراسة لأشهر شخصياته
أنا شخصياً قرأت منها , سيرة عمر بن عبد العزيز , وسيرة محمد الفاتح , والقليل من الدولة الأموية .
مؤلفاته موجودة لدى المكتبة العصرية ودار المعارف


* كتاب حول التفسير الإسلامي للتاريخ , من تأليف الدكتور محمد قطب
كتاب جميل يُباع لدى دار الشروق , استفدت من قراءته

* ولعشّاق التاريخ الأندلسي , أنصحكم بكتاب الدكتور عبد الرحمن الحجي بعنوان التاريخ الأندلسي
وهو من اصدار دار القلم , وتجدونه لدى معظم المكتبات الإسلامية
كتاب جامع بشكل مبسّط لتاريخ المسلمين بالأندلس


* كتاب الدكتور طارق السويدان لدى شركة الإبداع الفكري (الأندلس, التاريخ المصوّر )
ممتع , مفيد , ورائع




الروايات

* أجمل الروايات القديمة وبلا مٌنازع هي روايات المنفلوطي { الفضيلة + في سبيل التاج + مجدولين + الشاعر }
لغة ثريّة , حكمة عميقة , وصف ممتع , وبُعد تاريخي


* كذلك من أجمل الروايات التاريخية روايات الأديب علي الجارم , تجدونها في 3 مجلدات بعنوان سلاسل الذهب
المجموعة تستحق أن تُقتنى , كما تستحق وبجدارة أن تُقرأ
فيها 9 أو 10 روايات قصيرة تتناول حُقب مختلفة من التاريخ الإسلامي , الدولة العباسية , الأندلس , والدولة الأموية

* رواية تحت شمس توسكانا ، الدار العربية للعلوم ، تتحدث فيها الكاتبة الامريكية عن منزل مهجور ابتاعته في ايطاليا وحولته لمزرعة وارفة ، ممتاز لعشاق السفر
* ثلاثية غرناطة , وما أدراك ما ثلاثية غرناطة ^_^
لدى دار الشروق , رواية تتحدث بتسلسل مُبهر مليء بالتفاصيل اليومية للإنسان الأندلسي عن سقوط غرناطة آخر دويّلات المسلمين في الأندلس
ستبتسم , وستضحك , وستبكي حين قراءتك لها ..
الرواية للأديبة الرائعة رضوى عاشور , أنصحكم بها وبشــدة
*ولعشاق السفر ايضا ، طعام صلاة حب ، لدى الدار العربية للعلوم ، يحكي عن امرأة قضت سنة كاملة تبحث عن لذه الطعام بايطاليا والايمان في الهند والحب في اندونيسيا

* رواية سمرقند , لأمين معلوف , لدى دار الفرابي , صالة رقم 6
من أجمل الروايات التي قرأت , تتحدث عن نشأة فرقة الحشاشين , وتتناول جانباً من حياة عمر الخيّام
* زهرة الثلج والمروحة السرية + موعد مع القدر ، روايتان رائعتان جدا جدا للكاتبة ليزا سي ، تحكي فيهما الطقوس القديمة للنساء في الصين ، تتحدث عن الصداقة والحب وحجرات النساء والكتابة السرية لهن ، لا تفوتوا هاتين الروايتين ، تجدونهما لدى الدار العربية للعلوم


* روايات عبد الرحمن منيف لدى المؤسسة العربية للدراسات والنشر , قرأت منها النهايات واغتيال مرزوق , وقرأت منها شرق المتوسط
لعبد الرحمن منيف أسلوب فريد في محاكاة الواقع استجلاء الظلم الواقع على الإنسان ..


* روايات الأديبة الكويّتيّة بثيّنة العيسى , لدى المؤسسة العربية للدارسات والنشر , صالة رقم 6 , وكذلك متوافرة لدى رابطة الأدباء
( عروس المطر , ارتطام لم يُسمع له دويّ , سعار ، تحت اقدام الأمهات ، عائشة تنزل إلى العالم السفلي )
أنصحكم بـ عروس المطر , فيها نظرة فلسفية وتساؤلات حول مفهوم الجمال والإحساس به لدى النساء , كما تتناول عدة قضايا اجتماعية ، وروايتها الأخيرة عائشة تنزل إلى العالم السفلي هي أجمل ما كتبت



كتب لوريثات حوّاء

على المرأة أن تقرا ما كُتب عنها لتفهم نفسها , ولتفهم نظرة الرجل لها : )
هذه كُتب بعضها أقترحها للمرأة فقط , وبعضها يجب أن يقرأها الرجل والمرأة


* هذه الشجرة , لعباس محمود العقاد , كتاب مفيد لفهم بعض الجوانب النفسية لدى المرأة , تجدونه لدى نهضة مصر


* شهرزاد الإنسية , للكاتبة المغربية نوّار الودغيري , أنصح الفتيات والنساء بقراءة هذا الكتاب , وهو من اصدار مكتبة الشروق الدولية , لا أدري إن كانت مُشاركة بالمعرض أم لا , ولكنني ابتعته من جرير في حولّي
كل صفحةٍ منه كانت تدفعني دفعاً لالتهام الصفحة التالية , حيث تحدثت في بدايته عن قريتها المتواضعة في المغرب وتربيتها البسيطة في ظل عائلةٍ ترعى القيم والحياء , وقصّت بعض المواقف الجميلة التي مرّت بها مع جدتها في طفولتها .
وتحدثت أيضاً عن شخصيتها ونشأتها بطريقة أدبية جميلة , صاحبتها تأملات في كل فترة , وبعد ذلك تحدثت عن تجربة الحمل ووصفت شعورها وبطنها يكبر أمامها ثم تجهيزها لاستقبال الضيف الجديد وأخيراً وضعها للمولودة الجميلة , وختمت الكتاب بحوار رائع بينها وبين طفلتها الرضيعة .



* هل يكذب التاريخ , لمحمد الداوود , متوافر لدى دار اقرأ ,
كتاب يُبيّن بالصور والدلائل , الحُقب والمراحل التي مرّت بها قضية تحرير وتعرية المرأة , من بدايات القرن التاسع عشر إلى عصرنا هذا الكتاب مهم لكل فتاة بحاجة للذود عن قيمها وحجابها والشبهات المُثارة حول حقوقها التي اكتملت في ظل الإسلام , ويود الغرب انتزاعها منها أنصح بالكتاب وبشدة , لأهمية موضوعه وبساطة أسلوبه , ومتعة قراءته حيث يحتوي على صور كثيرة وأمور غريبة.
* العابرة المكسورة الجناح , للكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي , تقارن فيه حول نظرة الرجل العربي للمرأة ونظرة الرجل الغربي
تجدونه لدى المركز الثقافي العربي , وكذلك من كتبها الجميلة سلطانات منسيات


* كتاب نسيان , لأحلام مستغانمي , كتاب للمرأة المتمردة ^_^ مُضحك ومفيد ومليء بالتجارب نسائية
وقد كُتب على غلافه – يُحظر بيعه للرجال – وأنا شخصياً أنصحهم بعدم التطفل والقيام بشرائه

* احلام النساء الحريم ، شهرزاد ترحل إلى الغرب ، كتابين للكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي تتحدث عن احوال النساء في الشرق قديما ونظرة الرجل لها سواء الغربي او الشرقي

كُتب منوّعة أقترحها لمن بدأ يقرأ حديثاً

* افعل شيئاً مختلفاً , لـ عبد الله العبد الغني , شركة الإبداع الفكري + مكتبة اقرأ , صالة رقم 5
كتاب مفيد جدًا ومن الحجم الصغير , يشجّع على التغيير للأفضل ويعطي وسائل مهمة لإضافة بعض المتعة للحياة , الكتاب خفيف وبسيط .
أنصح به كل من يبحث عن التغيير , والتخلص من الملل , لكل من يريد أن ينتفض على رتابة حياته , ويمارس شيئاً جديدا



* كتاب عاشق , يصحبنا فيه الدكتور عائض القرني في رحلة ممتعة مع قصته والقراءة
كيف بدأ حبه للكلمات , وكيف استهل علاقته مع الكُتب , وكيف وجد لذّته وسعادته الحقيقية بين الصفحات والورق

* ديمقراطية بلا حجاب , قد لا يعرف الكثير منا من هيَ مروة صفاء قواقجي , ولكن بالحقيقة هي شخصية تستحق أن تُعرَف
لذلك , اخترت لكم كتابها الذي عنونته بأسم ديمقراطية بلا حجاب , لتتحدث فيه عن تجربتها المثيرة في البرلمان التركي حيث كانت أول مُرشحة تركية مُحجّبة تفوز بالانتخابات البرلمانية , وكان حجابها سبباً لانتفاض النواب العلمانيين ومعارضتهم لوجودها تحت قبته الكثير من المصاعب التي اعترضت طريقها , وكيفية مواجتها لها بحزمٍ وثبات , هذا ما ستقرؤونه في صفحاتها المُشرّفة : )
تجدونه لدى الدار العربية للعلوم

وكثير من الكتب التي اقترحتها في القوائم السابقة تصلح لمن بدأ يقرأ حديثاً , ومنها ( الكتابة عمل انقلابي , روايات المنفلوطي , التفكير فريضة اسلامية وغيرها .. )







{ كتابي الأول ,,
قوانينك الخاصة , قواعد وقوانين لحياة أفضل
}



كتاب بسيط يتناول خمس أنواع من القوانين تساعد الإنسان على أن يعيش حياة أفضل
في علاقته مع الله , في أخلاقه , في طلبه للعلم , في تحقيقه للنجاح , وأخيرا في السعادة

جمعت لكم 53 قانون من القوانين التي أطبقها في حياتي , وتركت لكم المجال لإضافة قوانينكم
الكتاب يحوي قصص , أبيات من الشعر , آيات وأحاديث , أقوال للحكماء وتأملاتي الخاصة مع طريقة تفكيري بها

ليس له عمر معيّن , يصلح للصغار والكبار , ولكن لا أنصح به من اعتاد قراءة الكتب وحضور الدورات والمحاضرات , ربما لن يجد فيه جديد سوى فكرته ^_^

متوافر في جناح الابداع الفكري ,




الاثنين، ٢٢ نوفمبر ٢٠١٠

إلى ألفيرو مارتيني !!


عزيزي الفيرو مارتيني..

عزيزي المتواري خلف البحار والمسافات والدول ، المنتصب في حلق البحر المتوسط بدولة كأنها حذاءٌ شتويٌ طويل ، القاطن مسكنه في سفوح إيطاليا أو وديانها، شواطئها أو حقولها .. لست أدري !

من أنا ؟ لايهم ، ولكني أردت فقط أن اعبر لك عن اعجابي الشديد بك وتعلقي بخرائطك ، القصة قديمة بدأت في أحد المجمعات التجاريه في الكويت ، وتحديدا في المصعد الكهربائي ، كنت حينها في العاشرة من عمري ، أقف بجانب والدتي فدخلت إمرأةٌ لا أعرفها ولكني أذكرها تماما وكأنها تقف الآن أمامي ، بقميصٍ

أبيضٍ طويل وبنطالٍ غامق ، تضع على رقبتها وشحاً ، تحمل بيدها حقيبة ، ولمحاسن الصدف كانت تنتعل حذاءًا !

لم يكن الأمر مستغربًا إذ الناس في دولتنا يفعلون ذلك ، ولكن ما جعلني أحملق في وشاحها وحقيبتها وحذائها ، أنهم كانوا على شكل خريطة ! كتلك الخرائط التي أهوى رسمها في حصة الاجتماعيات ، وأهوى تحديد مواقع الدول وعواصمها حين تعرضها المعلمة على الحائط فتعجز الفتيات عن الاجابة ، أذكر حرقتي حين كانت المعلمة تطلب مني إنزال يدي وعدم الإلحاح بكلمة ( أبله أبله أبله ) لأفسح مجال المشاركة أمام زميلاتي ..

كانت حقيبتها ووشاحها وحذائها كتلك الخرائط في الأطلس المدرسي ذو اللون الادعم الغامق أو الأصفر الفاتح الذي اركنه بعد إنتهاء العام الدراسي في مكتبتي التي كانت ماتزال تتشكل ، الأطلس الذي أحمله بفرح لوالدي حين كنا نخطط لعطلنا الصيفية والمدن التي سنزورها ،

أذكر كيف كنت أغوص معه في عمق الخريطة ، نسدد ونقارب بين الدول ، نرسم خط سير الرحلة ونحدد الوجهة ، أصابعي التي مازلت صغيره كانت تدور على صدر الأطلس كبوصلةٍ شغوفةٍ بالاتجاهات ..

عزيزي الفيرو مارتيني لا تسأم فأنا هكذا دوما أفتش في حاضري عن ترسبات الطفولة وأزج بها في نصوصي لاني أؤمن بأنني نتاج ماكنت يوما ..

عزيزي الفيرو مارتيني كل ما أود قوله لك أني منذ ذاك اليوم أحلم بمثل حقيبتها ووشاحها وحذائها ، والحلم تحقق بعد سنوات عشر في العام الماضي ، ولكن هل تعلم بأنك كالسحر !

وأن متجرك لا يفتء يلتهمني كلما وطأته قدماي ، وأن حلمي يكبر كلما رأيتك تبتكر جديداً ..

تروقني حقائب سفرك في وجهاتك الزجاجيه ، وبالرغم من أني ابتعت واحدة لسفري إلا أنني أحببت اخواتها الوقفات بجانبها ، تروقني أحذيتك ، تحملني على اكفف السفر والترحال، وتأخذني في كل صباح ارتديها لمدينةٍ جديدة ، تروقني ثيابك وإن كنت لم ابتع منها شيئا ، إلا أنها بسيطه وجميله ، تحيل الجسد لعالم فسيح ، أحب فساتينك الزهريه الصغيرة واتمنى أن ابتاع منها يوما لاميرتي التي لم أرها بعد

تروقني أقلامك ، أطمح لأن اشتري منها واحداً اكتب به على جيد الكرةِ الأرضية ، وأعشق حقيبتك الجلدية المربعة التي أعدك أن أحملها بإذن الله دكتورةً في كلية الحقوق ، ولن أنسى حينها أن أزين مكتبي بمجموعتك المكتبيه من دفترٍ وحاوية أقلامٍ وساعةٍ ورزنامة .

عزيزي الفيرو مارتيني

ختاما ، أود أن اعتذر منك بشده واعبر لك عن أسفي حين أفرغ بني قومي ابداعك من محتواه ، حين حولوه لمجرد علامة تجاريه يبتاعونها بشراهة ، يقتنونها فترة من الزمن لحين إنتهاء - الهبه - وتطوى بعدها في غيابة الدولاب !!

اعتذر منك إذ كانت ابداعاتك لا تلهمهم الحس الذي تبتغيه ، اعتذر منك إذ حملوا حقائبك دون ان يخبئوا فيها قبائلاً وشعوباً وحضارات ، إذ علقوا على صدورهم قلائدك دون أن يدور في قلوبهم العالم ، إذ انتعلوا أحذيتك دون أن تأخذهم لوجهات جديدة ، إذ جروا ورائهم حقائب سفرك دون أن يؤمنوا بأنهم يمشون على صدور خرائطها لا أمامها !

الثلاثاء، ٢٨ سبتمبر ٢٠١٠

اليوم الذي فيه ولدت مرتان !




كنت في جلسة ودية مع أربع من الصديقات ، نتبادل الأحاديث عن الصدف وأيام الميلاد ، فحين جاء دوري للكلام قلت بنشوة وابتسامة :


أما أنا فقد ولدت في يوم الأربعاء مرتان ، فيه خرجت من رحم أمي إلى الدنيا ، وفيه خرجت من منزل والدي إلى قاعة الزفاف ! 

قلت قولي هذا ولم ألقي له بالا ، إلا انني بعد حين تفكرت فيه وتأملت ، فنحن لا نختار الايام التي فيها نولد ، ولكني اخترت يوم زفافي دون أن أتعمد جعله يوما لميلاد جديد يشبه الميلاد الأول ، ولكنه جاء كذلك بتقدير من الله ..


في الولادة الأولى جئت - من - حيث لم أكن في يوم ووجدت نفسي محاطة بعائلة تحفل بي وتسعد ، وفي الولادة الثانيه جئت - إلى - حيث لم أكن في يوم لأجد نفسي محاطة بعائلة تحفل بي وتسعد كذلك !


أجد نفسي في الولادتين مخلوقا جديدا جاء ليضيف شيئا ما في بيت ما ، شيئا كانت الحياة تسير من قبل أن يأتي ، وتسير كذلك إن لم يأتي !


ولكني أتسائل ، أي الولادتين أصعب ؟ أو بالأحرى أيهما تتبعها حياة أصعب - حيث عانت والدتي مخاض أولاهم وتكبد المأذون جزاه المولى عني خير الجزاء عناء ابرام الثانيه -


لم يستوقفني هذا السؤال كثيرا إذ أن اجابته لاتخفى  كما لاتخفى شمس آب في نهار الكويت !


فليس هناك أصعب من أن تتحول من مسئول عنه في كل شيء إلى مسئول عن كل شيء ، وليس هناك أصعب من أن تتقاسم حياتك التي اعتدت أن تحياها منفردا مع شخص تكاد تعرفه للتو ، في ولادتك الاولى ستواجه العالم لاول مره ، ستتلمسه بحواسك ، وستبني خبراتك وسماتك الشخصية بناء على ما عايشته ، أما في ولادتك الثانيه ، ستولد وانت مكتمل البناء لتجد نفسك بحاجه لحواس جديده وخبرات جديده و رتوش كثيره لسماتك الشخصيه حتى تستطيع أن تمضي مع توأمك الذي ولد معك على - كوشة - واحده ! 


ليست الحياة بعد الولادة الاولى كتلك بعد الثانيه ، فانت بعد سنين طويله عشتها مع عائلتك مازلت تختلف عنهم ومعهم في بعض الأمور ، فما بالك بشخص لم تعش معه بعد وانت تختلف عنه أصلا  بمعظم الأمور ! قد يكون هذا هو الأمر الأصعب و لكنه بلا شك الأمر الأكثر متعه حيث تلج معه عالما جديدا من الأفكار والهويات والخبرات والآفاق ، ومن الأمور التي ستصعب عليك أيضا ، أنك بعد ولادتك الأولى لن تشتاق للرحم والحبل السري وحياتك القديمة في مشيمتك ، أما بعد ولادتك الثانيه فستصحو يوما ما من نومك لتبحث عن شخص كنته أنت فيما مضى ، عن غرفتك ، عن أوقاتك ، عن صوت والدتك في الصباح وعن ماضيك .


 أما أجمل ما يجمع الولادتين أنه في الولادة الاولى أنت تقع في الحب بمجرد أن تفتح عينيك بصعوبه لترى والدتك بعد أن احتضنتك إنه شيء كالسحر لاتدري كيف يحدث أو لماذا أو من أين ألقي في قلبك ، ولكنه يكبر كلما جمعتكم لحظه ، تشعر به حتى وانت لم تدرك الحياة بعد ، وفي ولادتك الثانيه السحر نفسه ، يدب في نبضات قلبك بمجرد أن ترفع عينيك بصعوبه لتختلس نظرة إلى من سيحتضنك العمر كله 


وليست الصدفة الوحيدة انني ولدت في يوم الأربعاء مرتان ، ولكني ولدت في شهر آذار أيضا مرتان !

حيث ولدت لاول مره في آذار من سنة تسع و ثمانين لأم تكبرني بتسع وعشرين سنه وولدت في اذار من السنة العاشرة بعد الألفين في عيني زوج يكبرني بتسع سنوات


فحمدا لله الذي جعلني اولد طفلة في الولادتين : ) 




الأربعاء، ١٢ مايو ٢٠١٠

أمي التي أصبحت خمساً !

كملاكٍ يعترش كرسيه , تجلس على الأريكة في صالةِ منزلنا , تحيطُ بها أربعُ نساءٍ صغيراتٍ يُشبهنها , أخذت كلُ واحدةٍ منهن جزءًا منها وبضعاً من ملامحها .
أتأملُ منظرَها محاطةً ببناتها الأربع , أولائي اللاتي ماكُنّ شيئاً يُذكرُ في حياتها , ولا أوحى لها الله بأنهن سيخرجن من أحشائها يوما .
أتأملُ منظرها وقد أصبحت خمسُ نساءٍ بعدما كانت امرأةً واحدة !
بل بعدما كانت في مامضى طفلةً تلحقها ظفيرةٌ طويلة كلما جرت مع أقرانها تلعبُ وتلهو ..
ابتسم لفرط دهشتي من هذا الموضوع , قد يراهُ الكلُ أمراً طبيعيا , بينما يوقفني حائرةً أمام عظمة أن تصبح المرأةُ أماً , أن تصبحَ أُناسٌ كُثر بعدما كانت شخصاً واحدا !
ترى بطنها الذي طالما حرصت أن يكون مشدودا جميلا , يكبر أمامها ويمتلئُ بروحها ودمائها , تتخلّق بداخلهِ نفسٌ جديدة , تشاركها نومها وطعامها وحياتها , تتخلّقُ فيها , لتنفصل عنها ..
ولكن , أتراها تُدرك بأنها ستنفصل حقاً ؟
بأنها لن تعد جزءًا منها , ولو مضت على انفصالها عنها سنواتٌ طوال ؟
أنا , أنا فعلا لا أدرك بأنني قد انفصلت عن هذه التي تجلس أمامي , لا أدرك بأنني لم أعد جزءًا منها ..
: )

السبت، ٢٠ مارس ٢٠١٠

عبقرية الجمال !



صباحكم , نهاركم أو مساؤكم , محفوفٌ بالجمال , ذاك المنبثقُ من دواخلكم , والمتوهّجُ كالنورِ حولكم : )
بكل الشوق أعود للكتابة , استجمعُ أحرفي علّها تبلغُ الجمال الذي أنشدُ في الأدب .. فعذراً لطول الانقطاع .

.

أعشقُ كلَ ما هو جميل ,, كل ما يبث في نفسي إحساسَ فرح ٍ ومتعة , كل ما تستلذ به حواسي وإحساساتي ويأخذني إلى عالمٍ من الارتياح .
أعشقُ الجمال حين يتبدّى بأي شكلٍ من أشكاله , وجهٌ حسنٌ صبوح , خُلقٌ عالٍ , رسمٌ متناغم , لحنٌ شجي , رقصة ٌمنسجمة , نصٌ أدبي , صباحٌ جديد , أو زهرة ٌ متفتّحة ..

تُرى , ما هو الجمال ؟
لستُ أولَ من تساءل , ولستُ أولَ من كتب !
ولكني , كغيري من البشر , أحملُ في جسدي نفحة ً من روح الإله , إلهنا الذي هو جميلٌ يحب الجمال , لذلك مازالَ خلقهُ في بحثٍ دائبٍ عن معاني الجمال , فكراً وتساؤلاً وابتكاراً وإبداعا ..
هنا ,, علّنا نجدُ بضعاً من الجوابِ

.
.

الحبُ والجمالُ رديفان , لا نكاد نجدُ إحداهما إلا ونجد رديفه معه , عندما تمتلئ قلوبنا بالحب , ستمتلئ حتماً بالجمال , سنستشعره في كل ما نحبه , ونجده دون أن نتكبد عناء البحث عنه .

وفي ذلك يقول الرافعيّ :
{ الجمالُ في نظري جمالٌ من ناحيتيّن : حُسنُه في ذاته , وحُسنُه في خيالي الذي يجعلهُ أسمى من ذاته }

الرافعيُّ , يخبرنا هنا بان الجمال جميلٌ بذاته , ولكن هذا لا يكفي لأن نستمتع به , بل لابد أن نضفي عليه بضعاً من حبنا له , وتخيلنا الخاص لجماله , ذاك يجعلهُ في حِسّنا أجمل .

ويقول أيضاً في رسائلِه لمحبوبته :
{ كأنكِ جمالٌ لا ينتهي , وكأني عشقٌ لا يمتلئ }

كثيراً ما وقفت مشدوهة ً مأخوذة أمامَ سحر ِ هذه العبارة , والعلاقة الطردية فيها بين الجمالِ والحب , كلما زاد حبه لمحبوبته , زاد إدراكه لجمالها , وأروع ما في الأمر , أن لا جمالها ينتهي , ولا حبه لها يُروى ..

هذا لا يعني بالضرورة أنها كانت فائقة الجمال , إنما هذا يدلّنا على أن الحب هو الذي يضفي الجمالَ على الأشخاص أو الأشياء , وذاك مصداقاً لقول الأندلسي ابن حزم :
{ اعلم أعزك الله أن للحبِ حكماً على النفوسِ ماضيا , وسلطاناً قاضيا , وأمراً لا يُخالف , وحداً لا يُعصى .. }

وارتباط الجمال بالحب يفسّر أيضاً الحكمة التي تقول :
{ لا يوجد إنسان كامل , حتى نقع في الحب ! }

لأننا عندما نحب شخصاً , سنراه منزّهاً عن العيوب , خالياً من النواقص , وكذلك عندما نحب صنعة ً ما , سنجدُ الجمال الكامل والمتعة الحقّة في نتاجِ هذه الصنعة .

فالجمال الخارجي وحده قد يستوقفنا للحظات , ولا يدوم في إحساسنا إلا إن ارتبط به الحب , وهذا يفسّر إعجابنا اللحظي بوجهٍ جميل سرعان ما ننسى قسماته , أو الانجذاب لأغنيةٍ شجيّة دون أن نشعر بالرغبة في إعادة سماعها بعد أن تنتهي .

وجميعنا يعلم بأن الحب الذي يزيد إدراكنا للجمال , لا بد وأن يتدفق من إحساسنا الداخلي بهذا الجمال الداخلي , وليس من مشاهدة أعيننا للجمال الخارجي .

هذا يفسّر إحساسنا بجمال المعاني التي تكتنف القصائد والأشعار الجميلة , أو إحساسنا بجمال الصوت والترتيل عند سماعِ تلاوةٍ جيدة للقرآن , دون أن يكون لأعيننا أي دورٍ في ذلك .

ويفسّر أيضاً تناقص إحساسنا بالجمال اتجاه بعضٍ مما كنا نراهم آية ً فيه , فطول العشرة قد تكشف لنا عن طباع ٍ سيئةٍ فيهم , تجعلنا ننفر منهم ونرى مكامن القبح في نفوسهم .
أو العكس , قد ننفر من دمامةٍ وجه أحدهم , وما إن يبدأ بالحديث أو يقدم لنا مساعدةٍ , أو تطول عشرتنا معه حتى نبدأ باستشعار شيء من الجمال في وجهه وروحه .

ذلك أن الناس يختلفون في معايير الجمال الخارجي , ولكنهم لم يختلفوا أبداً في تحديد الجمال الداخلي , والذي هو لا تدركه إلا النفوس الجميلة ..


والجمال , كارتباطهِ بالحب , مرتبط ٌ أيضاً بالحالةِ الشعورية للإنسان , إن كان سعيداً , حتماً سيكون أكثر استعداداً لاستشعار الجمال من حوله , وإن كان حزيناً , سيرخي ستاراً من القبح على عيّنيّه وروحه يحجب عنه الجمال .

وأحياناً قد يتبدّى النقيض , فقد يكون الحزن سبباً من أسباب استشعار الجمال !
يحدث ذلك عادة ً بفضلٍ من الله , عندما يلجئ الإنسان له وهو مثقلٌ بأحزانه , فيبث الله في روحه شيئاً من رحمته وسكينته , فيستشعر حينها العبد جمالَ علاقته بربه , وحبه الذي يربطه به ..

وفي معرض حديثنا عن الجمال وتنزّهنا في رياضه لا يمكننا تجاوز نظرية العقاد الفريدة في الجمال وفيها يقول :
{ الجمال هو الحرية , فلا يكون الجمال أبدا في معناه بعيد عن الحرية , ولا تكون الحرية ابدا في معناها بعيدة عن الجمال }

ويقصد فيها , حرية النظر والاستمتاع بالشيء الجميل دون أن يعترضنا ويعيق إحساسنا أي شيءٍ من القبح .

الجمال عنده , أن ينساب النظر في الشيء الجميل من أعلاه إلى أسفله ومن يمينه إلى شماله دون أن ينقطع ذاك الانسياب بأي عيبٍ أو قبح , وأن تستمر حرية الانغماس باللحن والصوت دون أي نشازٍ أو حشرجة , وأن تتابع الأبيات دون خللٍ في الوزن أو القافية .
الجمال عنده نقيضٌ للفوضى , لابد له من موازينٍ وقوانين تكفل حرية الاستمتاع به .

أما جمال المرأة فله فيه رأيٌ أطلق عليه { عبقرية الجمال } ومن هنا جاء عنوان المقال ..

يرى العقاد :
{ الإحساس بالثقة بالنفس عند المرأة الجميلة قيمة مهمة من قيم ومقاييس الجمال , تمنح تلك الجميلة جمالاً فوق جمالها , فالنساء الجميلات على نوعيّن :
- الجميلة التي يكون الجمال فيها كالثوب , تعلم أنها تلبسه وتريد أن تلفت به انتباهك فتقول : ألستُ جميلة ؟
- والجميلة التي يكون الجمال من أصلِ نسيجها , وهي تعلم ذلك وتريد أيضاً أن تلفت انتباهك , لكنها لا تسألك بل تخبرك وبكل تحدٍ : أنا جميلة !
}

النوع الأول من الجميلات عنده شكٌ بجماله , وأما النوع الثاني فهو جميلٌ رغماً عنك

ولذلك , أنصح كل من تقرأ هذا المقال , أن تكون عبقرية ً في جمالها وفي التعبير عنه ;)

ومادمتُ أرى أن أجمل ما في الحياة أن نعيشها بإحساسنا لا بحواسنا , والأجمل من ذلك أن نعيشها بإحساس - المرأة - , فسأختم المقال بترتيب جمال المرأة عند العرب :

{ قال العرب عن المرأة : إن كان بها مسحة جمال فهي جميلة , وإن استغنت بجمالها فهي غانية , وإن لم تكن تبالي أن تلبس ثوباً فاخراً فهي معطال , وإن كان حُسنها ثابتاً كأنه قد وَسم فهي وسيمة , وإن كان لها قسمٌ وحظٌ وافرٌ من الحسن فهي قسيمة , فإن كان النظر إليها يسر الروّع فهي رائعة , فإن غلبت النساء بحسنها فهي باهرة }



* كل ما بين القوسين مُقتبس , والمراجع :
{ أوراق الورد } مصطفى صادق الرافعي
{ هذه الشجرة } عباس محمود العقاد
{ الحب أعزك الله } حاتم بن محمد الجفري

.
.


مما قلتُه في الجمال :

* لو أدرك كل إنسان كوامن الجمال بداخله لما احتاج للبحث عنه في الخارج , لأنه لن يره حتى حتى ولو كان أمامه .

* عندما يرى الجميع ماهو جميل بأنه عادي , هذا لا يعني أننا يجب أن نصبح كالآخرين , بل يعني أن نساعدهم على اكتشاف هذا الجمال .

* عندما تتوقف الروح عن استشعار الجمال , لابد أن نسارع لإصلاح هذا العطب !

* ليس الفن إلا صنفاً من صنوف الجمال , أياً كان شكله .

.
.

وإلى أن نلتقي بمقالٍ جديد , أترككم بكنف الجمال , تنعمون بما حباكم الله منه ..

الأربعاء، ١٧ فبراير ٢٠١٠

لماذا السفر بالذات ؟

لماذا السفر بالذات , لماذا لا شيء سواه يثير في نفسي هذه الأحاسيس التي تخالجني الآن ؟
يداهمني هذا السؤال وأنا أحمل حقائبي إلى بيروت , أزررّ معطفي على آخره , وأعلّق على كتفي الكامرة وبضعُ أمنيات .

أشعر في نفسي امتداداً للرُّحَّلِ الأُوَل , بقايًا من ابن بطوطة , وشيئاً من كولومبس يجمع بيني وبينهم فضول النفس الإنسانية ورغبتها المضطردة في البحثِ عن الجديد , السفر في بطون الكتب , امتطاء الدواب , الإبحار في محيطاتٍ غريبة , ملاقاة الوجوه التي لا تمت ملامحها لعوالمنا , ورؤية ما لم تره العين من قبل .

استعرض أمام ذاكرتي المدن التي زرتها من قبل , تغمر جسدي نشوة حنين , وأقول في صوتٍ خفيض :
{ شكراً لكِ يا تلك المدن التي وهبتني حياةً أخرى , شكراً لكِ يا تلك المدن التي ولدتني في أزقتها روحاً جديدة .. }

لاشيء سوى السفر يمكن له أن يجتاحني بهذا القدرِ من الفرح , منذ ورود الخبر , مروراً بحزم الحقائب , ووقوفاً بالمطارات ..
المطارات حيث تستهويني الكراسي المزدحمة , حيث أدس نفسي بين أقراني من المسافرين , ألقي لباساً من الصمت على شفتيّ , أطلق لعينَيّ عنانَ النظر ولفكري الفضول ..
أتأمل مشهد المتوافدين , المودعين , المستعجلين , والمتأففين من طول الانتظار , أشعر في منظر الحقائبِ المتكدسةِ فوقَ بعضها خشوعٌ رهيب , مهيبةٌ تبدو وهيَ تخفي في بطونها الأمتعةَ والمجهول ..
أحْزِرُ مع نفسي قصصاً للواقفين أمامي , للجالسين بجانبي , وللمسرعين بخطاهم في منتصف الطريق .

ترسم لي المطارات صوراً لمحطات السفر , لاستراحاتِ القوافل ولموانئ السفن العتيقة , ترسم لي صوراً للمواسم التي يتكاثر فيها الوداع منذُ أن بدأت الإنسانية بالسفر إلى اللحظة التي يُختم فيها جوازي الآن إيذاناً بالرحيل .


تساؤلي الأول , يجرّ خلفه تساؤلاتٍ أُخَرْ , لا تهدأ , ولا تفتأ تنخرُ عقلي كسوسةٍ أكولة !

تحملني الطائرة على أكفٍ من غيم , تحملني مُحقَقة ً فِيَّ حلمَ ابن فرناس بأجنحة الطيور , وبفضاءٍ مترامٍ من الحرية ..

هل كان يُدرك الأولون أن كل ما تحتاجه لمغادرة عالمك والالتحاق بعالمٍ جديد هو غفوةٌ قصيرة أو فصلٌ من كتاب ؟
وهل يدرك المعاصرون الذين حرموا أنفسهم متعة السفر , أن هناكَ عالمٌ أوسع بكثير من عالمهم الذي يختزلون أنفسهم به ؟

وحطت الطائرة !

هذه المرة استقبلتني بيروت ولم تعطني القدر الذي طمعتُ به من الدهشة !
ليس لأنني زرتها من قبل – فقد مضت على ذاك السنون – ولكن , لأنها كانت متواجدة بكثرة في أسواقنا , في مطاعمنا , وعلى شاشاتنا , اعتادت آذانُنا لهجتها وأرواحنا فنونها ,,
لم تترك تلك القرية الصغيرة التي تحول لها العالم الكبير ذاك الجانب الرائع من المجهول , كل شيء اعتادت أعيننا مرآه , واعتادت أرواحنا اختلاجه :\


أحب شراء التذكارات التي تجلب المدن إلى أرفف مكتبتي , ولكن هذه المرّة لم أبتع منها شيئا , يجرني ذلك للامتعاض الذي شعرت به وأنا أتجوّل قبل شهر في القرية العالمية في دبي , تلك القرية التي يظنها البعض عظيمة لأنها جمعت بين أسوارها عجائبَ الدنيا , بينما أراها أنا – كاذبة- !
كاذبة لأنها أوهمتنا بأنه بمقدورنا السفر من عالمٍ إلى عالم بخطواتٍ قليلة , وأراها أيضاً – نحيسة- !
نحيسة لأنها اقتلعا من عَيّنَيّ تلك الدهشة التي كانت ستوسّعُ حدقتيّهما عندما أقف أمام متاجر التذكارات في المدن التي لم أزرها بعد : (

أعود لبيروت , تلك التي عشتها رائعة ً في كتاب { بيروت المدينة المستمرة } لزاهي وهبي ..

بالرغم من أن منظر مبانيها المخرّمة برصاص الحرب مازالَ حاضِراً أمام ذهني , وبالرغم من علمي بضيق أزقتها وازدحام شوارعها واكتظاظ أرصفتها , إلا أنني كنت أخالني سأهبطُ في معرض الكتاب المنقضي في يناير , مُحاطة ً بالكتب الممنوعة والمسموحة والمجنونة , أو سأهبطُ في بستانٍ يُشبه الجنة , سأركض بين كروم العنب , واستمع من الأفق البعيد إلى صوتٍ فيروزٍيٍّ عذب يستجدي ويقول :
{ دخلك يا طيّر الوروار , رحلك من صوبن مشوار }

فأرد عليه وأقول :
{ دخلك يا طيران الوطنية , خذني ع بيروت يلي فيها بحلم ! }


9-فبراير