الأربعاء، ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٩

شطحة قانونية , بين الحيازة المادية والحيازة المعنوية



أعتذر منك يا دكتوري الفاضل , يا خبير القانون وفطحل الحقوق , أعتذر منك لأنني أجلس أمامك مباشرة , لا يفصلني عنك إلا متراً أو يزيدُ بقليل , وأدنفُ بشغف على قلمي ودفتري , تظنني أدوّن كلامك , ولكنّي أدوّن كلامَ روحي وأنسج منه نصاً أدبيا !

محاضرة القانون المدني
30 ديسمبر 2009 , صبيحة الأربعاء


أتساءل عن الجنون الذي أمارسه الآن , ماذا لو سألني الدكتور أثناء الشرح , أسأنظر له ببلاهة وأقول : هاه !
ماذا لو قال لي اقرئي ما كتبتي ليتأكد من صحة تدويني !

هه
أشعر بالمتعة وأنا أثرثر مع نفسي على الورق , أتمنى إخراج الهاتف المحمول والكتابة في الـ face book إلا أنني أخشى من توبيخ الدكتور

* يتكلم الدكتور عن الحيازة , ويقول أن مجال الحيازة يقتصر على الأشياء المادية ولا يمتد للأشياء المعنوية , لأن الحائز لابد أن يمارس أعمالاً مادية ً تُظهره بمظهر المالك .

أممم , ماذا لو مارس الإنسان أعمالاً معنوية على أشياء معنوية , هل سنكون بصدد قيام حالة حيازة معنوية ؟

تلتمعُ في ذهني الفكرة , وأفكرّ بنظرية جديدة { نظرية الحيازة المعنوية } سأكتب عنها في رسالة الدكتوراه , وسأحدث نقلة غير مسبوقة , ولكن !
أين سأزج بها في نظامنا القانوني الجاف , ذاك الذي لا تنفذ بصيرته لما وراء الماديات , نظرُهُ حسير , كلما مَدّه رجع إليه خاسئا , ولو أعاد الكرّة ..

لذلك ربما سأضيفها في { قوانينك الخاصة } الجزء الثاني ^_^

* يضيف الدكتور : الحيازة قد ترد على العقارات كما أنها قد ترد على المنقولات , أعجبتني هذه المعلومة وسأسترقها لنظريتي – ولكن لا تخبروا أحدا -

سأقول :
- إن حاز الإنسان قلبَ إنسانِ آخر , فيكون بحكم من حاز عقاراً , لأن القلب جزء من الإنسان , أممم تعترضني هنا قاعدة { العقار الذي لا مالك له يكون ملكاً للدولة } بالتالي لا تنتقل ملكيته بالحيازة .
لا ضير لا ضير , سأحوّرها في نظريتي وسأقول { القلب الذي لا مالك له يكون ملكاً لصاحبه إلى أن يحين استلابه } .
وبالتالي , سيكون الاستلاب هو الشرط المفترض الذي يجعل من حيازة القلب سبباً لنقل ملكيته

- نعود لحيازة المنقولات , وسنكيّفها على أساس حيازة المشاعر – لأن المشاعر تنتقل , تنتقل بسهولة خصوصا في أيامنا هذه !-
أمممم , أفكر بإلغاء هذا النوع من الحيازة في نظريتي المرتقبة , أو ربما سأجيزها ولكن دون أن أجعلها سبباً من أسباب كسب الملكية , سأجعلها تبيح فقط حق الانتفاع , دون ملكية الرقبة .
بشرط : أن يعيدها الحائز إلى مالكها كما كانت بعد انتهاء فترة الانتفاع .

وعلّة المشرّع في ذلك , أن انتقال ملكية القلب بالحيازة تؤدي لاستقرار العلاقات في المجتمع , وإن تنازل الحائز عن حيازته ,أو أهمل القلب الذي تحت يده , سيكون فعله ذالك قرينة قانونية لا تقبل اثبات العكس مفادها أنه عديم التمييز أو معتوه , وبالتالي لا تثور مسؤوليته القانونية ولا يمكن مساءلته .

أما حائز المشاعر وإن حازها زمناً طويلا , فإنه لن يتمكن من امتلاكها في ظل بقاء القلب على ملكية صاحبه أو حائزه .

واستند المشرّع في ذلك على الموشّحة التي تغنت فيها فيروز { لو كان قلبي معي ما اخترت غيركمُ , ولا رضيتُ سواكم في الهوى بدلا , لكنه راغبٌ فيمن يعذبه , وليس يقبلُ لا لوماً ولا عذلا }


بعد أن انتهيت ابتسمت في وجه الدكتور , وقلتُ لنفسي :
يالكِ من فقيهةٍ قانونيةٍ فذّة ^_^



وختاماً , دعكم من الفهم إن لم تفهموا , ودعكم من التفسير إن احترتم , إنها مجرّد شطحة !

السبت، ٥ ديسمبر ٢٠٠٩

صغيرتي وقرية النمل


السلام عليكم وبركات الله ورحماته


اشتقت للمدوّنة , ولكل القرّاء بعد طول غياب


لذلك , أعتذر مِن كل مَن زار المدوّنة آملاً بالجديد , ولم يجده


: ) وأتمنى أن يحوز هذا النص إعجابكم ..


.

.




قبيّل غروب شمس الأمس , كنت جالسة في مجلسٍ نسائي , أتبادل مع قريباتي أحاديثاً وأسمارا , وإذ بطفلةٍ تدخل علينا وقد امتلأت عيناها دهشةً وسابقتها نحونا نظراتها المتوهجّة بالفرحةِ والظـَفر , جرت صوّب أمها وقالت لها بملءِ فمها :
- ماما , ماما , لقيت قرية نمل ورا , قرية نمل كبييييييييرة

فأجابتها أمها المنشغلة عنها دون أن تلفت لها :
- أوكي , أوكي ماما , لا تدوسين عليهم هذا بيتهم لا تخربينة .

ثم أكملت حديثها مع جارتها التي تشاركها الأريكة , خرجت الطفلة , تقافزت نحو الباب , خبأت في جيوب سترتها كومة أسئلة , وحفنة فرح , وعادت لتفحّص اكتشافها العظيم , خارج بيت المزرعة ..

خرجت الطفلة , ولكنني لم أخرج من الزوبعة التي أحدثتها في ذهني !
ربما سمعتها أمها بأذن الأم المنهكة من رعاية أطفالها , والتي تجد في مثل هذه الجلسات متنفساً ومخرجاً من هموم التربيةِ ومجالسة الأطفال .
أما أنا , فسمعتها بأذن الأديبة التي تتصيّد أي موقفٍ تهبه إياها الحياة , لتصوغ منه نصاً , قصة ً , أو تأملا ..

لذلك , تماثلت أمامي صورةً مستقبليةً لي , وعشتُ في أحداثِ القصة التي شَكَلّتـُها في ذهني

فلكم الأقصوصة التي خرجت بها من هذا الموقف :




{ ذات شمسٍ تلملم أطراف أوشحتها الذهبية عن صدر السماء , جاءتني ابنتي تحمل في عيّنيّها فرحاً كبيرا , تجري وكأن ديمةٍ سماوية تحمل قدميّها الصغيرتيّن عن الأرض , وكأنها تطير خشية أن يهرب منها الخبر ..
انتصبت أمامي وفتحت ذراعيّها تشرح لي ما وجدته :
- ماما , ماما , لقيت قرية نمل , قرية نمل كبييييييييرة

فتركت الكتاب الذي كنت أقرأه , اعتدلت في جلستي , وتظاهرت بالدهشة , ثم أجبتها :
- صــــج ؟ وين لقيتيها ؟

اتسعت عيناها أكثر , أحكَمَت قبضتها , حركت يديّها وقالت :
- والله والله لقيت قرية نمل , وفيها نمل واااايد , ورا بالحوش , تعالي ماما تعالي شوفيها

انتعلت حذائي , ولحقتها , كانت تسرع الخطى , ساقاها الصغيرتان تضربان الأرض بشدة , وتخلّفانِ ورائهما أملاً بالوصولِ أسرع ..

وصلنا , فأشارت لي نحو القرية , أنزلتُ نفسي حتى صرتُ بطولها , أجلستها على رجلي , وبدأنا بتأمل قرية النمل , شرحت لها بعض المعلومات الصغيرة عن مملكة النمل , وملكة النمل , حاولنا على مضض أن نعد كل نملةٍ تخرج أو تدخل , ولكن خبرة ابنتي في الأعداد لم تسعفها !

لم تكتفي تلك الفيلسوفة الصغيرة بمعلومات أمها القليلة , وبدأت تراكم في حجري المزيد والمزيد من الأسئلة التي لا أملك لها جوابا .
لذلك وعدتها أن أصحبها بعد صلاة المغرب إلى مكتبة جرير , لنبتاع كتاباً علمياً مُبسّطاً يشرح لها عالم النمل , ووعدتها أيضاً إن صلت بجانبي أن أقرا لها الكتاب .

قبيّل النوم , اندست في فراشها الزهري الصغير , واندسست بجانبها , وَضَعتُ الكتاب على رجلها وبدأت أقرأ لها , سعيدةٌ كانت بالصور , بالمعلومات , وبالكتاب ..
أنهينا قدراً لا بأس به , ووعدتها أن أكمل لها في الغد , قبلّتُ وجنتيّها الممتلئتين , أحكمتُ غطائها , وركنتُ الكتاب على الرف الأول من مكتبتها الصغيرة
}