الأحد، ١١ نوفمبر ٢٠٠٧

نــوافذ عــلى الفكر والأدب ..



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومازالت المواضيع تزدحم في فكري , ومازال الوقت يضيق فلا يتسع للكتابة !
لذلك مازلت أنا أتخيّر لكم من الأرشيف , واليوم أضع بين أيديكم صفحة قدمتها لمجلة الجامعية وقد نزلت في هذا العدد
وهي بعنوان نوافذ على الفكر والأدب ,
فهلموا لنطل منها : )
.
.
نوافذ على الفكر والأدب


نافذة أولى :

إن الفكر والأدب هما النافذة التي نطل من خلالها على حياة الشعوب والمرآة التي تعكس نور الحضارات السابقة والعصور الغابرة , وهما أنفس موروث تركته لنا الإنسانية بعقولها النيّرة المستنيرة .

إن كل مُطلع على الحضارات السابقة يدرك بأن كلاً منها تميزت بالنتاج الفكري الخالد , فأكثر ما يميز الحضارة اليونانية العريقة هو فكر فلاسفتها وأقوالهم الحكيمة وسعيهم الحثيث وراء المعرفة والفكر فبات الفكر اليوناني عامودًا من عواميد الفكر الإنساني على مر العصور , وأبرز ما خلّفه العرب ورائهم قبل الإسلام هو الشعر الجاهلي الذي دل على احتراف العرب للغة وتفوقهم باستخدامها وإتقانهم لفنون الحديث ونبوغهم به .

وببزوغ شمس الإسلام التي أنارت شبه الجزيرة العربية أشرقت المعجزة الإلهية المتمثلة بسحر البيان وجزالة اللفظ وروعة الصياغة والعبارة , لتدمغ عقول الأدباء والشعراء وتفتح أفواههم ذهولاً ودهشة , وتأتي بسيلٍ من الآيات المعجزة التي يتحدى بها الله تعالى الجن والأنس أجمعين على أن يأتوا بآية من مثله فيقفون عاجزين وتتجمد ألسنتهم وتُشل .

فلم تكن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم ناقة كناقة صالح ولا عصىً كعصى موسى ولا نارًا كنار إبراهيم , بل كانت الكلمة الخالدة الشامخة على مر التاريخ ..
وتتابعت العصور والدول وتبدلت الأحوال والأوضاع , ومازال الإنسان يجري في ميادين الفكر والأدب والشعر واللغة ومازالت الأرحام تدفع الأدباء والبلغاء للدنيا فيضيئوها بكلماتهم النورانية , فهاهو الأديب يقدم نتاجه الأدبي للعامة فيطربون به ويحفظونه ويقرئونه , بتتابع الأيام تتابع الشعراء وتتابعت وتنوعت أشكال الأدب وتطورت , فظهر الموشحات والمعلقات والبديعيات والروايات والقصص والخواطر , وتنوعت أغراض الشعر وتعددت كما تشعبت بحوره وتطورت , واختلف شكل القصيدة وظهرت مدارس الشعر المنددة بالتطوير وداعية له , أمورٌ كثيرة يمتلأ بها تاريخ الأدب العربي ..

ولكن الكلمة كانت دائمًا هي السيّدة مهما حُوّرت وشّكّلت وتغيرت , ومازالت تستقطب الأنظار و تسلب العقول فهي ساحرٌ جبار لا ينجو من تأثيره أحد !
كم أغوت عقول الحكام وهزت عروش الملوك وأشعلت الهمم بالنفوس وزعزعت أممًا وحركت جيوشًا وأطاحت بدول , فحيثما يجتمع الفكر مع كلمة في قلبٍ ينبض وُجد الإعجاز ..
ونحن هنا سنحاول اصطحابكم بجولاتٍ في ربوع اللغة والأدب والفكر والحكمة لعلنا نروي قلوبنا التي أعياها الظمأ في هذا العالم المادي , ونزيح الغبار عن أحرف الكلمات المنسية ..

نافذة على الذاكرة :
ذاكرة الأدب تعج بأسماءِ فذّة أشعلت الكلمات وطوّعت العبارات وأبدعت الصياغة الأدبية , فسادت في ميادين الشعر والأدب وخُلّدت ذكراها , من تلك الأسماء ننتقي لكم أجمل الأزهار :
نافذتنا الأولى نطل من خلالها على شاعر من شعراء العصر المملوكي ولد عام 675 هـ في مدينة الحلة بين الكوفة وبغداد , منذ نعومة أظفاره شبّ على حب العلم والأدب والشعر فدرس القرآن واللغة والفلسفة والفقه والحديث وتتلمذ على يد كبار العلماء .
شاعرنا هو صفي الدين الحلي صاحب القصائد المعروفة والأبيات التي لاتزال تتغنى بها الألسن وتصاغ منها الحكم , فهو القائل :

لا يمتطي المجد من لم يركب الخطرَ
ولا ينال العلا من قدم الحذرَ
ومن أراد العلى عفوًا بلا تعبٍ
قضى ولم يقضي من إدراكها وطرا

كما اشتهرت عنه القصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وحب آل بيته الكرام , فأنشد يقول بقصيدةٍ مطلعها :

جمعت في صفاتك الأضدادُ
فلهذا عزت لك الأندادُ
زاهدٌ حاكمٌ عليمٌ شجاعٌ
ناسكٌ فاتكٌ فقيرٌ جوادُ
شيمٌ ما جُمعّن في بشرٍ قط
ولا حاز مثلهن عبادُ

ولصفي الدين الحلي العديد من الآثار الأدبية المليئة بالعلم والفكر والتي خلّدت ذكره من بعده ومنها كتاب (الأغلاطي) وهو معجم جمع فيه الأغلاط اللغوية الشائعة , و (درر النحو ) وهي مجموعة من القصائد عرفت باسم الأرتقيات , بالإضافة لكتاب (العاطل الحالي) وغيرها

نافذة على المعجم
لغتنا العربية الفصحى تواجه الجفاء والإعراض من أبنائها , فباتت بحالٍ يرثى له , فهجرها العرب إلى غيرها من اللغات وأدار لها اللسان العربي ظهره !
في نوافذنا الأدبية سنفتح إحداها ونطل على المعجم لنحاول إنقاذ بعض المفردات العربية الفصيحة التي أوشكت على الاندثار ..

- الفرقدان : هما النجمان القريبان من القطب وموقعهما ثابت تقريبًا ولذلك يُستدل بهما على الطُرق والاتجاهات , والمفرد هو الفرقد , أي النجم القطبي ..
وقد قال الشاعر :
أراعي الفرقدين مع الثريا كذاك الحب أهونه شديد ُ
وجائت كلمة أراعي بالصياغ السابق بمعنى أراقب ..

- صَحَلَ : بَحّ , يُقال صحل صوته أي بَحّ صوته
- الرهائم : الأمطار
- الضروس : الشديد , ويقال بوصف الحروب , الحرب الضروس أي الحرب الشديدة

.
.
إلى المحتجين على الخلفية السوداء , قد تم تغيير شكل المدونة : ) فما رأيكم ؟

هناك ١٧ تعليقًا:

~ شَــهْـــرزاد ~ يقول...

إيلاف الجمال...

استمتعت في هذا المساء, بالجلوس معكِ في شرفاتكِ حيث الجمال الفكري الخلاب, والنسيمات الأدبيةالعذاب.

؛*

Mohammad Al-Yousifi يقول...

الأسود حلو

إيلاف يقول...

شكرًا عزيزتي واسعة الآفاق , ولنا غدًا بإذن الله جلسة أجمل وأرق ;)

.
.

كلا مطقوق , ههه نعم أوافقك الرأي , وقد قمت بتغيير الشكل وأنا حزينة : ( ولكن لا بد من النزول عند رغبة الأخوة الزوار والرأفة بحالهم

Q80 Blogger يقول...

انا اقول هذا التصميم احلى من الاسود

بس كبيري الخط اشوي .. اتعبت عيونا

جميله المقاله
وجميل اختيار الابيات
نعم انا اوافقك الرأي بأننا هجرنا لغتنا الام
لكن لن يضرها ذلك بشيء
فهي اللغه الخالده
نحن من نحرم انفسنا من متعتها

خوش ارشيف
نبي بعد :)

Kuw_Son يقول...

والله قبل لا أقرأ البوست .. قلت الظاهر انها غيرت رايها في اللون الأسود !!

لا لا هذا اللون يشرح النفس ..

خوش لون :)
:P

موضوع جميل جدا .. و أعجبتني قصيدة صفي الدين الحلي عن المجد .. رائعة !

غير معرف يقول...

جميله تلك النوافذ
هي بكل أسف الزيارة الأولى لي
لكن بكل تأكيد لن تكون الأخير
-------
في أفضل من هذا الستايل بكثير
والعمليه جدا سهله في التغير

Unknown يقول...

مقال جميل

وهو نافذه على العالم ويعمل على اعطاء العقل حدود ابعد للتفكير
:)

بعد الطبع يقول...

جميع ما خط قلملك
بارك اللهم فيه و ابعد عنه الكسر او الاعوجاج

الا تعتقدين اخيتي ان الفئة التي تكتبين لها و اقصد بذلك فتيان و فتيات الجامعة يحتاجون الى عبارات اسهل؟
(( السهل المتنع الممتع))
و لأنك كما تعلمين يفتقر الشباب الى التلذذ باللغة العربية و لذلك يجب علينا معشر الكتاب الى النزول الى مستواهم
فإذا انتظرنا ان يرتفعوا الينا فذلك حلم بعيد بعض الشيء :(

إيلاف يقول...

المدون الكويتي :

ان شاء الله سوف أكتب بخط أكبر في المرات القادمة ,
واللغة العربية تخلد بإقبالنا عليها وليس بإدبارنا عن قراءتها والحديث بها : )

وشكرًا لك

.
.


إبن الكويت :
شكرًا , اسعدتني زيارتك

وسوف نحرص دومًا على الألوان المنعشة عند عملية التغيير ههه

.
.


الذئب :

حياك الله ونتمنى أن تتكرر زياراتك ,
وبخصوص الشكل نعم أعلم هناك أشكال أجمل , ولكنني احب التغيير هه

.
.


مشاري :

: ) شكرًا


.
.


وما الحياة إلا عقيدة وجهاد :

أشكرك على الدعاء الجميل : ) أحببته

بالعكس لا أرى اللغة التي كتبت بها صعبة ومتكلفه !
أراها بسيطه وسهلة ولا تحتوي على كلمات غير مفهومة ,
ربما عليهم أن يقرؤوا :)

أسعدتني زيارتكِ الأولى ..

باغي الشهادة يقول...

نوافذ جميلة
:-)
خاصة لتعرضها للبائسة المسكينة اللغة العربية الـمَهينة

وخلفية مريحة
:)

وخط أكبر ليكون أريح
:p
الطمع زين

فنر يقول...

ايلاف ..
بصراحه لم اقرا الموضوع قراءه كامله لانك اخذت بتفكيري ..
الى مامضى عندما قرات صفحه في مجلة الجامعيه فقد كنت احدى محرراتها. .
عام1996..؟؟
اتمنى ان تستمرا وتكملو المسير .. .

إيلاف يقول...

الطامح لنيل الشهادة ,
إن شاء الله سيكبر الخط وينضج في المقال القادم , وشكرًا لك ..


فنر ,
أهلا بروّاد الجامعية : ) يسدعني مروركِ من هنا عزيزتي

Najmah يقول...

استمتعت بالقراءة

والابيات وايد حلوة :)

بس عتبي على الخط شوي صغير :)

واللون اليديد حلو
عسى الحزن مايدل طريجه لقلبج :)

شكرا جزيلا

wafa'a يقول...

استمري بإطلالتك البهيّة على نوافذ الفكر والأدب .. و لا تأسي و لاتهني لانصراف المارّين على أزقة الطريق عن بضاعتك!

يااا فرقد :P

غير معرف يقول...

بويوسف

اخت ايلاف تحية اسلامية معطرة بروح الأدب الإسلامي الخالد
نوافذ رائعة تلك التي تحدثت عنها

اما بالنسبة لخلفية مدونتكِ مع تعصبي الشديد للون الأصفر إلا أنكِ قد وفقتِ في اختيار الألوان التي تبعث في النفس الانشراح
اعتقد انها تشبه إلى حد كبير ألوان منتقى الأوج الأخير

من وجهة نظري المتواضعة
اعتقد انني افضل التنويع في الوان مدونتك و ذلك لكسر الروتين لا أكثر و لا أقل

غير معرف يقول...

بو يوسف
الاخت الفاضلة ايلاف

لا تحزني على هجر الجيل الحالي للغة العربية فالخير لازال موجودا في زمننا هذا و نحن جيل المستقبل اذا وضعنا نصب أهمية لغة القرآن ان غرسنا ذلك في نفوس اطفالنا منذ الضغر و لا يتقصر الدور علينا بل على المسؤولين فقد قرأت قبل فترة بسيطة للكاتب مفتاح محمد دياب انه اذا ارادت المجتمعات ان يكون مستقبلها خير من ماضيها و حاضرها فعليها الاهتمام بشريحة هامة من شرائح المجتمع وهي الطفولة التي تشكل في العديد من المجتمعات نسبة كبيرة جدا من عدد السكان


و اعدك ان الجيل القادم من امتنا سيكون لهم شأن في مستقبل امة القرآن
فلا تدعي اليأس يعرف طريقه اليك

إيلاف يقول...

نجمة ,
شكرًا على هذه الدعوة الجميلة , ومشكلة الخط قد تم حملها ولله الحمد في المقال الذي وضعته اليوم : )



لويالتي :

إن شاء الله سنستمر ولن نفتأ عن دفاعنا وذودنا عن تلك الضحية : (

وشكرًا يا ثريا

.
.


بويوسف :

جملٌ كان تعليقك ويبعث في النفس التفائل والأمل : )

إن شاء الله سيكون الجيل القادم أفضل , نأمل ذلك ونعمل من أجله ,,

كل الشكر لك على حفاوة ردِد وجميل المعاني التي أوردتها هنا ..